علي محمود جديد
مضت خمس سنوات على إصدار قانون التشاركية المشبع بالمزايا والإغراءات الحقيقية والكبرى لكل رجل أعمال أو شركة خاصة ترغب بالخوض في هذا المجال، ولكن حتى الآن – مع الأسف – لم يتم تنفيذ ولا حتى مشروع واحد على أساس هذا القانون على الرغم من أنّ المشهد السوري اليوم يُشكّل بيئة خصبة تضمن نجاح وجدوى الكثير من مشاريع التشاركية وإلى حد بعيد.
فالكوارث التدميرية التي خلفتها العصابات الإرهابية المسلحة للعديد من المنشآت الحكومية سواء كانت صناعية أم خدمية، كان من المفترض – بمعزل عن آلامها وارتداداتها – أن تثير شهية المستثمرين للدخول بقوة كشركاء حقيقيين بإعادة بنائها وإقلاعها بوجودهم فيها، لأنهم يضمنون هنا رغبة أكيدة من الجانب الحكومي بأن تمتدّ يدٌ مشاركة ومخلصة تساهم بإنهاء الحالة التدميرية، ويحظى الطرفان بعد ذلك بعائدات مجزية وعادلة، ولكننا لم نرَ أي شيء من هذا القبيل.
لا شك بأن العديد من الشركات ورجال الأعمال لديهم إمكانيات مالية كبيرة تمكنهم من الدخول بقوة في مشاريع تشاركية مع الحكومة، ولكن هذا لم يحصل، ليبقى السؤال العريض : لماذا لم يحصل ..؟ في حين أن قانون التشاركية رقم / 5 / لعام 2016 يهدف إلى تمكين القطاع الخاص من المشاركة في واحد أو أكثر من أعمال تصميم أو إنشاء أو بناء أو تنفيذ أو صيانة أو إعادة تأهيل أو تطوير أو إدارة أو تشغيل المرافق العامة أو البنى التحتية أو المشاريع العائدة ملكيتها للقطاع العام وتشجيعه على الاستثمار في ذلك، على أن تكون الخدمات المقدمة عن طريق هذه التشاركية قائمة على أسس اقتصادية سليمة وكفاءة عالية في الأداء وأن تقدم بالأسلوب الأنسب وتحقق قيمة مضافة إلى الموارد المحلية، كما ويهدف القانون إلى ضمان الشفافية وعدم التمييز وتكافؤ الفرص والتنافسية وسلامة ومشروعية جميع الإجراءات الخاصة بعقود التشاركية وذلك لضمان تأدية الخدمات على نحو يتوخى المصلحة العامة مع ضمان حقوق جميع الأطراف ومنهم المستفيدون النهائيون من الخدمات والمستثمرون من القطاع الخاص، ومثل هذه الأهداف تُعتبر عادة من أكثر القضايا التي تشجع القطاع الخاص بل وتغريه لخوض غمارها، ولكن أحداً لم يتشجع – حتى الآن على الأقل – ولم يخُض ذلك الغمار.
القطاع الخاص يبدو وكأنه لا يزال متوجساً من الانخراط بمثل هذه التجربة، ومن المفترض أن يكون له أسبابه في ذلك، ولكن هذه الأسباب غير واضحة حتى الآن، وصار من المفترض البحث عنها والوقوف عليها بدقة من أجل معالجتها وإنهاء حالة الشلل لهذا القانون التي باتت أشبه بالحالة المزمنة، شللٌ يُفوّت على البلاد وعلى الاقتصاد الوطني فرصاً ذهبية لا تزال غائبة ومهدورة.
صحيفة الثورة – زاوية (على الملأ ) 6 / 6 / 2021 م