جديد 4E

جيلٌ جديد فارغ مستهتر لا قيم ولا ثقافة..هل كذلك فعلاً ..؟ أهو صراع أجيالٍ أم ما الحكاية ..؟

هيام صالح

هيام صالح

هل الثقافة مؤسسة سكونية مستقرة .؟ أم أنها موقف متغير باستمرار وفقا لتموج التغيرات الاجتماعية التي تؤدي إلى تطور مستمر بالنسبة لمضمونها وقيمها ..؟

لماذا تكون دائماً بداية النقاش للحياة الثقافية والنشاط الثقافي ومدى تأثيره بالقول: إن الثقافة تعاني من أزمة. ؟ ولماذا بعض الذين يتحدثون عن الثقافة يعتبرون أن الجيل الجديد أحد أسباب الأزمة ..؟ والذين من مصلحتهم تمييع الأمور يضعون الحق على الجيل الجديد ويذهب البعض إلى أكثر من ذلك عندما يتهمون الجيل الجديد بأنه جيل فارغ.. وجيل مستهتر بالقيم لكن الحقيقة الكاملة غير ذلك .

ربما البعض من الجيل الجديد لا يقرأ – كما الأجيال كلها – ولا يناقش ولا يهتم .. لكن لابد من الملاحظة ان هناك مبالغة شديدة في الإدانة الثقافية الموجهة للجيل الجديد وظاهرة العزوف النسبي عن الثقافة موجودة ليس لدى الجيل الجديد فقط، فالكثير من الناس ومن اجيال متعاقبة يمكن أن يصرحوا دون شعور منهم بالحرج أنهم لم يطلعوا على أي كتاب في الثقافة العامة سوى ما أملته عليهم لائحة الكتب المقررة في المدارس أو الكليات.. ولدى مناقشة هذه المشكلة لا نجد سوى من ينعي ظاهرة الانصراف عن القراءة لكن لماذا لا نحاول تفسيرها والتفكير في ايجاد الحلول المناسبة لها ..؟

يبدو فعلاً ان هناك ما يسمى بموقف الاجيال المتعاقبة فقد جرت العادة أن يشعر كل جيل سابق بأن الجيل الجديد ضحل الثقافة.. متدهور القيم .

أما الأسئلة التي تتفرع عن ذلك فهي كثيرة وكثيرة جداً .. أولها هل هناك أزمة بمعنى الأزمة أم نحن الذين نصنع الأزمات .؟

هل يمكن القول مثلاً أن الاختلال في فهم الثقافة يكمن في غياب النظرة الى الثقافة كقيمة أساسية ؟ وهل يعني ذلك أن حالة الاستهتار التي طرأت على المجتمع اليومية وجدت منفذاً لها الى الثقافة ..؟

لو ذهبنا الى أي تجمع سكاني في أي بلد.. نجد حتى الانسان الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة له موقف من حياته.. وجيرانه.. ومن عاداته وتقاليده الأمر الذي يجعله مشروع انسان مثقف ، ما معنى ذلك؟

إن ذلك بوضوح يعني البحث عن صيغ مناسبة لعمل المؤسسات الثقافية كي تتمكن من تهيئة المعلومات والمعارف للناس وإيجاد طرائق لترغيبهم بها بما يؤهلهم للارتقاء بمعارفهم وبالتالي تطوير ذاتهم والمساهمة الفاعلة في الحياة الثقافية ولذلك نتفق مع الذين يقولون: آن الأوان کی ترتقي المؤسسات الثقافية بمهامها إلى مستوى الطموح المنشود الذي يلبي احتياجات ومقومات بناء الإنسان.

ولذلك نعود لنقول إن المشكلة في الثقافة ليست مصطلح الازمة سواء اتفقنا على التسمية أم لم نتفق. والمشكلة ليست في الجيل الجديد.. إنما هي ناتجة عن حالة تقصيرنا في عدم الإجابة العملية على الكثير من الاسئلة التي تطرح نفسها ومنها : هل ما نعانية من فقر في العلوم والفنون والمعارف هو فقر في المصطلح.. أم فقر في التجربة والمعرفة ؟ هل نحن بحاجة للمعارف أم مصطلحات هذه المعارف؟ هل نحن نفكر من أجل حل الأزمة الثقافية، كما يسمونها أم نفكر لإدانة المسألة الثقافية ؟

عموما نحن بحاجة إلى فعل ثقافي مؤثر وبحاجة إلى بحث عن المنهج الذي يقودنا إلى ما نريده من الثقافة، بحاجة الى فهم مشترك ونظرة موحدة وواعية إلى الثقافة .