جديد 4E

بعد سُباتٍ مزمن .. المركزي يجابه بسياسات نقدية هجومية تُعيد لليرة مكانتها ..

تراجع الأسود ورفعه رسمياً بالتزامن مع انخفاض أسعار السلع هل يضمن تحسين حقيقي للدخول ..؟

إنه الوقت المناسب لرفع الرواتب والأجور دون تآكل فلن يقوى السوق على ابتلاعها

علي محمود جديد

مع إعلان مصرف سورية المركزي عن رفع سعر الصرف الوسطي للدولار الأمريكي رسمياً إلى 2512 ليرة سورية، بالتزامن مع تراجع سعره بالسوق السوداء، أبدى البعض تخوّفه في حين رأى البعض الآخر أن مجمل الإجراءات تشير إلى نتائج تستحق التفاؤل، لدرجة أنهم يرون بأن البيئة التي خلقتها السياسات النقدية الجديدة قد تُفضي إلى امتلاك زمام المبادرة لزيادة محتملة في الرواتب والأجور تكون حقيقية، وغير مأخوذة هذه المرة بارتفاع أسعار السلع إذ لن يقوى السوق على ابتلاعها، وهذا ما سنوضح أسبابه لاحقاً.

ووفق نشرة المصارف والصرافة الصادرة عن المصرف المركزي يوم الخميس الماضي أصبح سعر الصرف الوسطي للدولار الأمريكي 2512 ليرة بعد أن كان سعره في نشرة الأربعاء 1256 ليرة فيما تم أيضاً رفع سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الواردة إلى سورية إلى 2500 ليرة.

وحدد المصرف سعر نشرة البدلات 2525 ليرة لكل دولار واحد.

السعر الرسمي ضعف ما كان عليه

بهذا يكون سعر الصرف الرسمي قد استقرّ على سعر 1256 ليرة للدولار منذ منتصف شهر حزيران عام 2020، ما يعني أن السعر الرسمي المعتمد قد تضاعف اليوم نحو ( 100% ) ما يخفف من عمق الفجوة الكبيرة التي كانت بين السعر الرسمي وسعر الصرف في السوق الموازية ( السوداء ) حيث وصلت هذه الفجوة إلى حدود / 3744 / ليرة عندما وصل السعر في السوق السوداء إلى نحو / 5000 / ليرة، أما يوم الخميس فاستقر هذا الفرق بحدود / 588 / ليرة فقط ( ليصل هذا الفرق اليوم الأحد إلى 388 ليرة بعد تابع الدولار انخفاضه ليصل إلى 2900 ليرة ) وعلى الرغم من أنه يبقى فرقاً كبيراً ولكنه يعطي مؤشراً هاماً باتجاه المزيد من الانخفاضات القادمة المحتملة لسعر صرف الدولار لأن تضييق الفرق بين السعرين ترافق هذه المرة مع انخفاض ملحوظ لسعر صرف الدولار في السوق الموازية حيث يسجل اليوم – وسطياً مع بعض الاختلافات بين المصادر – في السوق الموازية / 2900 / للشراء و / 2990 / للمبيع، ورفع السعر الرسمي مع الانخفاض الملحوظ للسعر الموازي يعتبر نوعاً من المجابهة التي تشير إلى امتلاك أسباب القوة المهاجمة عند الإدارة الجماعية للمركزي اليوم، التي نأمل أن تكون قادرة بعد حين على إحداث التوازن المنطقي لسعر الصرف، وجرّ السوق السوداء إلى محاذاة السوق النظامية وصولاً إلى توحيد سعر الصرف، ومتابعة الضغط أيضاً باتجاه تخفيض الرسمي.

بعض المتابعين المتخصصين اعتبروا أن إجراء المركزي كان مفاجئاً وغير متوقع، في حين تداولت منصات إعلامية متابعة أنباء سعر صرف الدولار في سورية، ووصفته بأنه قد هوى مقابل الليرة يوم الخميس 15 أبريل / نيسان 2021، في السوق السوداء “غير الرسمية”، بواقع 110 ليرات ( وازداد هذا التراجع اليوم الأحد إلى 310 ليرات )

إلى ذلك حددت لائحة المصرف المركزي السعر الجديد الرسمي لصرف العملة الأوروبية الموحدّة (اليورو)، ليصبح 3008.87 ليرة سورية لكل يورو.

ووفق الأسعار الرسمية الجديدة، فقد بلغ سعر صرف الجنيه الإسترليني 3460.91 ليرة، والريال السعودي 669.72 ليرة، والدرهم الإماراتي 683.88 ليرة، والجنيه المصري 160.31 ليرة, والليرة اللبنانية 166.14 ليرة سورية.

وأوضحت النشرة أن العمل بهذه التسعيرة الجديدة المعلنة سوف يستمر حتى يوم السبت المقبل الموافق لتاريخ 17 نيسان 2021. ( وقد جددها المركزي هذا اليوم الأحد 18 نيسان دون أن يطرأ أي تعديل )

سعر صرف البدلات والدولارات الحدودية

كما وحدد المصرف المركزي سعر نشرة البدلات (المستخدم في بدل خدمة العسكرية)، بـ 2525 ليرة لكل دولار واحد.

وأكّد بيان للمركزي سريان القرار الصادر مؤخراً والقاضي بتسليم الحوالات الشخصية الواردة من خارج سوريا بسعر صرف 2500 ليرة سورية مقابل كل دولار.

وكانت الحكومة السورية رفعت يوم الأربعاء 14 نيسان، سعر صرف المئة دولار أمريكي التي فرضت تصريفها على المواطنين السوريين الوافدين إلى البلاد عبر البوابات الحدودية أو المطارات. لتكون وفقاً لنشرة “سعر الصرف التفضيلي” الخاص بالمنظمات الدولية. والمحدد في النشرة بـ 2500 ليرة سورية لكل دولار أمريكي.

فك حظر الجمود

ومع هذه التحركات في السياسة النقدية – التي كانت في حالة من السّبات والجمود إلى أن أُقيل حاكم المركزي منذ أيام وتولت لجنة خبراء ومختصين بالتنسيق مع الحكومة إدارة شؤون المركزي ريثما يتم تعيين حاكم جديد – أبدى الكثير من الناس تفاؤلهم بزيادة جديدة للرواتب والأجور تترافق مع اعتماد سعر صرف رسمي جديد يصل إلى ضعف ما كان عليه، لتكون الزيادة ترجمة واقعية لهذا الاعتماد الجديد.

والواقع فإن زيادة الرواتب والأجور في مثل هذه الأجواء التفاؤلية قد تكون مختلفة تماماً عن الزيادات الماضية كلها، لأنها لن تكون فقط ترجمة موضوعية وواقعية لرفع سعر الصرف الرسمي، وإنما تتزامن أيضاً مع ما يشهده الدولار من انحدار وتراجع سريع، وكان ما يحصل بالعادة عكس ذلك، إذ تزداد الرواتب ويزداد سعر الصرف بالسوق السوداء، ويبقى السعر الرسمي ثابتاً فسرعان ما تؤكل زيادة الرواتب بارتفاع للأسعار، اليوم يبدو الوضع مختلفاً، فالدولار يهوي، والأسعار تتراجع، وبالمقابل فإن الكثير من التجار الذين اعتادوا وتمرّسوا على الغش والتلاعب وزيادات الأسعار الجنونية سيحسبون ألف حساب لما ينتظرهم بعد صدور المرسوم التشريعي رقم (8) لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك الجديد الذي يهدف إلى حماية حقوق المستهلك وضمان سلامة الغذاء ومنع الاحتكار من خلال وضع ضوابط لممارسة التجارة والتسعير وفرض الرقابة على جودة المواد والمنتجات مع تشديد العقوبات والغرامات على الاحتكار والبيع بدون فاتورة وعدم إعلان الأسعار والتلاعب بالوزن والمكاييل والبيع بأسعار زائدة والغش.

فهل يبدأ الانفراج الحقيقي فعلاً ..؟ لعلها تكون الخطوة الأولى .. والقادم أجمل .

سيريا ستيبس إضافة لمعلومات محدّثة