جديد 4E

بين انتداب الأمس واحتلال اليوم!

*أحمد حمادة:

يوم غد السبت يصادف ذكرى جلاء المحتل الفرنسي عن أرضنا الطاهرة، والتي نالت استقلالها بعد تضحيات كبيرة قدمها شعبنا الأبي، وعقب سلسلة من الثورات التي فجرها هذا الشعب المناضل ضد جلاديه ومستعمريه، الذين غزوا منطقتنا العربية بداية القرن العشرين تحت عباءات ما يسمى “الانتداب” ومساعدة الشعوب على النهوض والتقدم والازدهار.

وما أشبه اليوم بالأمس، فمستعمرو الأمس أنفسهم يغزون اليوم منطقتنا، وسوريتنا تحديداً، بأسماء ومصطلحات جديدة وتحت عباءات مزيفة، كالحرب المزعومة على الإرهاب، ونشر الديمقراطيات والحريات، وهي مصطلحات ليست إلا نسخة “فوتوكوبي” لكذبة “الانتداب” ومساعدة الشعوب إياها، ولكن بصورة جديدة تتلطى خلف الشعارات الإنسانية والحقوقية.

المستعمرون الفرنسيون آنذاك تكالبوا على شعبنا، وارتكبوا المجازر المروعة بحقه، وقصفت طائراتهم ودباباتهم المدن والقرى، وقتلوا الأبرياء، ودكت دباباتهم حتى مبنى البرلمان، ورصاصهم الغادر طال النواب وحاميته من الشرطة، وكل ذلك تحت الشعارات البراقة ذاتها، والحجج الاستعمارية المعروفة ذاتها مثل محاربة الإرهابيين، لكن شعبنا الأبي انتفض ضدهم، وضحى بالغالي والنفيس لينجز استقلاله، ويحقق حريته.

واليوم تقوم طائرات أميركا والناتو، التي تنضوي فرنسا الاستعمارية تحت لوائه، بقصف السوريين وتدمير مدنهم بالحجج والذرائع والأكاذيب ذاتها التي جاءت بها باريس منذ عقود، ويقوم جنودهم الغزاة باحتلال أرضنا تحت ستار محاربة الإرهاب ونشر الحرية، وقد رأى العالم أن هدفهم سرقة ثرواتنا وتقسيم خريطتنا وتحقيق أمن كيانهم الصهيوني الغاصب.

منذ عشرات السنين الغابرة يتكرر مشهد الانتداب والعدوان والاحتلال بأكثر من لون، وتحت أكثر من اسم، لكن الهدف الاستعماري الغربي واحد وهو السيطرة والهيمنة والتحكم والسرقة، دون أن يدرك هذا الغرب الطامع أن شعبنا الذي قهر الاستعمار وانتدابه وأجبره على الرحيل آنذاك، وحقق حريته وأمنه وأنجز استقلاله، سيسطر ملحمة جلاء جديدة تخرج المحتلين الجدد من أرضه، وها هي خطوات السوريين في خواتيمها تكتب بدماء شهدائهم سطورها الأخيرة.

كلمة الموقع – الثورة أون لاين – * بقلم مدير التحرير 16 نيسان 2021 م