جديد 4E

ميثاقٌ للسوق.. ما رأيكم..؟

علي محمود جديد

تتشكّل عملية التسوّق وتداول السلع بين أربعة أطراف رئيسية، وكل مشاكلنا القائمة في هذه الأيام – أو أغلبها – تدور حول هذه الأطراف، وتنعكس بكلّ أحوالها سواء كانت معقدة أم سلسة في ساحة واحدة وميدان واحد هو السوق، فالأطراف تتمثل أولاً بالحكومة وأجهزتها المؤثرة على السوق، ثانياً : المنتجون للسلع واحتياجات السوق سواء كانوا صناعيين أم مزارعين وفلاحين أم مستوردين، ثالثاً : التجار من تاجر المفرق إلى نصف الجملة والجملة إلى جملة الجملة، ورابعاً : نحن المستهلكين.

هذه الأطراف الأربعة التي تُشكّل معادلة السوق والتسوق سواء بانتظامها وتوازنها، أم بفوضويتها وخللها وتشوهها، هي المسؤولة بالنهاية عن وضع السوق وصورته الحقيقية، حيث يعكس أداء هذه الأطراف الأربعة الحالة الواقعية للسوق، ومدى جدية كلّ طرف بأداء دوره الموضوعي من خلال الاعتماد على أسلحته الخاصة، المتمثلة بميزاته الضاغطة، أجل فلكلّ طرف أسلحته المؤثرة على السوق، وأهم وأمضى هذه الأسلحة هي أسلحة الحكومة وأذرعها وأجهزتها المختلفة لأنها تمتلك السلطة وبالتالي قادرة على اتخاذ القرارات وفرضها على الجميع والضغط باتجاه التطبيق إلى أن يتحقق الهدف من هذا القرار أو ذاك، غير أن الحكومة تبدو متخلية إلى حد كبير عن هذه السلطة، فلا ندري – مثلاً – ما هي الدواعي التي تقف إلى الآن وراء إهمال هيئة المنافسة ومنع الاحتكار والإبقاء على تغييبها عن الساحة في حالة من الشلل فلا إمكانيات ولا كوادر ولا حسّ ولا خبر .. رغم أن هذه الهيئة إن أخذت دورها كما يجب أن تأخذه فسيكون لها تأثير عميق على ضبط إيقاع السوق وتوازنه، ويظهر هذا التخلّي على شكل تفاقم محاولات الطمع والجشع وإعمال حالات من النّهم الفظيع لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، هذا مثال .. والأمثلة عديدة.

أما بالنسبة لمنتجي السلع والمستوردين فمن مصلحة هؤلاء تسويق ما لديهم، غير أنهم لا يجدون غضاضةً ولاصعوبة في إشهار أسلحتهم المتمثلة بممارسة الاحتكار ولاسيما في ظل غياب هيئة المنافسة ومنع الاحتكار أيضاً.

وبالنسبة للطرف الثالث – أي الأخوة التجار الأفاضل – فيكفي أن نحيلهم إلى ما قاله عنهم السيد رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء الماضي أثناء اجتماعه مع الحكومة، بأن ( ارتفاع سعر الصرف صباحاً لا يبرر ارتفاع الأسعار مساءً، وكل تاجر يستفيد بهذه الفترة الزمنية القصيرة .. هو لص ) ولا شك بأن كل من فعلها يعرف نفسه جيداً، والعدد ليس قليلاً بالتأكيد.

أما الطرف الرابع فهو نحن المستهلكين، وهنا البلوى الحقيقية، فالأطراف الثلاثة كلها تشهر أسلحتها في وجهنا كي نستسلم ويسهل عليهم نبش جيوبنا، فإن وجود ألف ليرة في جيب الواحد منّا تبدو وكأنها تُحدث عند تلك الأطراف حساسية مُفرطة لا تشفى إلا بانتزاع ألفنا .. ونحن هنا ( لا شوكة ولا دبّاحة ) فسلاحنا قوي جداً ولكنه مُعطل، ويتمثّل بمقاطعة السلع التي يرفعون سعرها ولكن هذا الأمر يحتاج إلى جمعيات حماية مستهلك جادة من أجل تنظيمه وتفعيله، وهذا أمر مفقود.

على كل حال .. نحن الأطراف الأربعة ما رأيكم أن يجري العمل على عقد مؤتمرات وطنية نضع خلالها ميثاقاً وطنياً جامعاً ينهي هذه المعاناة التي ستنعكس بالنهاية بالسوء على الجميع، والتي باتت تؤرّق كل بيت .. بل وتهدّده..؟

صحيفة الثورة – زاوية ( على الملأ ) 4 نيسان / ابريل 2021 م