جديد 4E

شركة العنكبوت للحوالات تستجيب للسلطة الرابعة وتوقف إعلاناً يسيء إلى صورة الأم

مؤسسة الإعلان : الجهة المعلنة حرة بتفاصيل الاعلان ونسعى نحو تعديل صلاحياتنا لضبطها وسنطلب إيقاف هذا الإعلان

لنبقِ معاً على صورتها الجميلة ..

محمد جمال جبر

مع أن صورتها جميلة جداً، وليست بحاجة لأي تجميل أو رتوش، حيث حنانها وتضحياتها وعطاءها يشهدون على نقائه، لكن أن نصورها في إعلاناتنا وبرامجنا عكس ذلك، فهنا الطامة الكبرى.

إعلان وعلى بعض الوسائل الإعلامية المسموعة يبث بكثافة، يقدم لنا الأم بطريقة غير لائقة وخاصة مع اقتراب عيدها الميمون، وهي التي تضحي بالغالي والرخيص لأجل أبنائها وتسهر الليالي على خدمتهم، تتابع كل ذلك بصمت دون أي تذمر أو ملل، بل تراها فرحة من داخلها، ولا تكتمل سعادتها إلا برؤيتها أبنائها ناجحين  ولا تنتظر منهم رداً للجميل، حتى وإن ضاقت عليها الحياة تحاول ان تخبئ آلامها كي لا تزعجهم وان كان هناك حاجة مادية تحاول ان لا تجعلهم يشعرون بذلك، هذه هي الام التي نعرفها وليست كما تقدم في هذا الإعلان المبتذل لصالح إحدى الشركات التي تنقل الحوالات المالية.

لوغو الاعلان على صفحة الشركة

الغريب في الأمر أن الإعلان يمر عبر المؤسسة العربية للإعلان دون أن تنتبه المؤسسة لخطر مثل هذا الإعلان وتأثيراته النفسية والتربوية على الافراد والمجتمع بشكل عام.

رأي مختص بالتربية وعلم النفس

الدكتور حسن عماد الاختصاصي بالتربية وعلم والنفس والمدرس في كلية التربية بجامعة دمشق كان له رأيه الذي يقول :

الأم نبع الحنان والعطف والأمان لطفلها بدءا من رحلة الحمل حتى الولادة والدخول في مراحل النمو المختلفة؛ فهي نصف المجتمع ولها دور كبير في تربية الأبناء وخصوصا البناء الجسدي والنفسي فهي المسؤولة عن تغذية الأطفال وسد حاجاتهم الفيزيولوجية والنفسية والصحية وصولا لمنحهم مشاعر الحب والحنان، كما تدعم الأم نمو الأبناء من النواحي البدنية والعقلية والنفسية والروحية والاجتماعية وتكوين شخصياتهم وزرع القيم والأخلاق الحميدة فيهم وتطوير مهاراتهم المختلفة ، كما لها دور في إدارة شؤون واقتصاد المنزل بجانب الرجل من خلال مزاولتها العمل لتساعد في تسيير أمور المنزل.

ومما سبق نؤكد على دور الأم الكبير في تربية ورعاية أولادها فضلا عن دورها في مساندة الزوج لخوض تحديات الحياة وقد يصل الأمر لتحمل مهام الزوج في حال السفر أو الوفاة أو الغياب لضرورة العمل.

ولكن نلاحظ ان هناك من يحاول تشويه صورة الأم في بعض الإعلانات أو الدعايات او المسلسلات، ونقول لهم الأم من وجهة نظر علماء النفس مثال ممتاز للصحة والحنان والأخلاق وقد قال شوقي في الأم : الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.

والإعلان المسموع على الراديو أو القناة والمثبت على صفحة الشركة على الفيسبوك، يشوه صورة الأم ودورها الريادي في المجتمع، فتظهر من خلال الإعلان وكأنها تمارس العنف على أبنها حتى وصل بها الأمر إلى الدعاء على فلذة كبدها والدعاء عليه (روح انقبر- يبعث لك حمى- العنكبوت يلي يقرصك) وهذا يناقض دورها الريادي والحنان والعطف الذي ذكرناه بداية المقال ، مع أنه من واجب الأبناء احترام الأم وتلبية حاجاتها ولكن بالكلمة الطيبة والحسنى وليس بالتهديد والوعيد وإطلاق الدعوات والكلمات الجارحة، نأمل من القائمين والمنتجين لهذه الإعلانات عدم تشويه صورة الأم والإساءة لها والحفاظ على شخصية الأم العطوف والحنون.

رأي مؤسسة الإعلان

كذلك قمنا بالتواصل مع المدير العام للمؤسسة العربية للإعلان الاستاذ ايمن الاخرس .. قال : نحن كمؤسسة معنيون بالإعلان الرسمي ولا يمر المحتوى الاعلاني على المؤسسة والجهة المعلنة حرة بتفاصيل الاعلان ونسعى كمؤسسة وكإدارة لتعديل صلاحيات المؤسسة لضبط هكذا إعلانات.

وحاليا وبخصوص الاعلان المذكور سنقوم بالتواصل مع الجهة المعلنة ونطلب منهم ايقاف الاعلان مباشرة.

وبناء على ما تقدم نرى أنه ومهما كانت الجهة المعلنة حرة باختيار مادة الإعلان، لكن هناك بعض التفاصيل التي تمس بمشاعر الآخرين وأحاسيسهم، يجب التوقف عندها، والسؤال إذا كانت تتوافق والذوق العام.

الإعلان على هذا الرابط :

https://www.facebook.com/alankabout.co/videos/1814011178781431

*****

إضافة للسلطة الرابعة

موقع السلطة الرابعة يشكر الزميل العزيز محمد جمال جبر على هذه المادة الصحفية الهامة، التي أرفقها بتسجيل صوتي للإعلان المقصود، وهو بالفعل مُقزّز وغير لائق أبداً، دخلنا إلى موقع شركة العنكبوت للحوالات المالية – على الأنترنت – فلم نجد شيئاً حول الموضوع، ثم انتقلنا إلى صفحة الشركة على الفيسبوك فرأينا الإعلان فعلاً مُثبّت كفيديو بعنوان ( من العب للجيبة ) وبشكل آلي رحّبت الشركة بدخولي على صفحتها بطريقة حضارية على المسنجر، وطرحت سؤالان :

الأول : ما هي الخدمة التي يمكن تقديمها لي ..؟

الثاني : هل يمكنني الدردشة مع شخص ما ..؟

فاخترنا السؤال الثاني إن كان بإمكاننا الدردشة .. فجاء جواب لطيف وهو آلي على الأرجح يقول : أهلاً وسهلاً .. ستتم الإجابة عن استفساراتكم بأسرع وقت .. شكراً لتواصلكم معنا

” بثقتكم … نكبر 0119787

ثم كتبتُ لهم : صباح الخير

فجاء الجواب : تفضل .. كيف ممكن نساعدك ..؟

هنا شعرت أن إنساناً دخل على المسنجر فقلنا له :

(أنا مشرف وصاحب امتياز موقع السلطة الرابعة الالكتروني ( جريدة الكترونية ) وصلتني مادة صحفية تنتقد بشدّة إعلانكم التجاري عن الشركة لجهة تشويهه لصورة الأم .. هل هناك ضرورة لهذه الصيغة بالاعلان ..؟! )

المسنجر أعطى إشارة إلى أن هناك من رأى الاستفسار ولكن لم نتلقَّ أي جواب سريع، فقلتُ في نفسي سأنتظر قليلاً علهم يجيبون.

في الواقع نحن نكاد نجزم أن الشركة لا تنوي من حيث المبدأ الإساءة إلى صورة الأم على الرغم من أن الإعلان بالفعل مسيء، وربما أرادت من وجهة نظرها ( تخفيف دم ) لا سيما وأن الأم بعد أن تقذف ولدها بكلمات بذيئة تودّعه قائلة : ( باياتو ) وهذه الكلمة الوداعية ( باي ) عندما تقال بهذه الطريقة فهي تدل على معاني التودّد والتحبب بين المتخاطبين وربما على أساس خفة دم فعلاً، هكذا حاولنا أن نفهم الموضوع، ولكن في الواقع فإن هذه العبارة مع مجمل العبارات السيئة الأخرى ما هي إلا عبارات ثقيلة الدم جداً وسمجة وغليظة لا طعم لها على الاطلاق سوى طعم الازعاج والإساءة لمقام الأم الذي لا يُطال، وتأتي صاخبة على المسامع ومؤذية للمشاعر.

نحن على كل حال لا نأمل سوى أن تقوم الشركة بتغيير هذا الإعلان السيء فعلاً واستبدله بواحد آخر يدعم الثقافة الجميلة لصورة الأمهات في الأذهان مع أمنياتنا بالخير والنجاح لهذه الشركة بعودتها بعد انقطاع.

العنكبوت تستجيب وتوقف الإعلان

بعد أكثر من ثلاث ساعات على المحادثة السابقة تلقيتُ ترحيباً جديداً من الشركة على المسنجر، ثم رسالة تقول :

( الإعلان كان إعلاناً فكاهياً لشخصية أم تحسين وتم ملاحظة الخطأ وإيقاف الإعلان .. الإعلانات القادمة ستكون مدروسة بشكلٍ أكثر ).

ألم أقل لكم أن الحكاية من قبيل تخفيف الدم ..؟ في الواقع لا أمتلك – رغم انحدار الإعلان وثقل دمه – سوى توجيه الشكر الجزيل لشركة العنكبوت للحوالات المالية والشحن على قبول الحوار واستجابتها الحضارية لنا حتى قبل النشر، مع وعدٍ بأن تكون الإعلانات القادمة مدروسة .. هذا ما نرجوه .. مع الشكر الجزيل لشركة العنكبوت مرة أخرى.

علي محمود جديد