جديد 4E

الحب والبطيخ والرفيق فالنتاين ..!

عبد الحليم سعود:

فيما كانت رسائل sms  تتهاطل على جوالي ” قليل الذكاء” من غامض علم الشركة المشغلة، من أجل دعوتي للاحتفال بعيد الحب قبل أيام، وتقدم عروضها المغرية والمورطة، ضربت أخماسي بأسداسي وقلت في نفسي لماذا لا أحتفل أسوة بخلق الله المحتفلين كل عام (وما حدا أحسن من حدا) ، ورحت أفكر في طريقة تناسب أوضاعي المعيشية الصعبة آخذا في الاعتبار المثل المعروف “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم”.

 وبينما كانت أخبار الطقس تتوعدنا بمنخفض قطبي شديد البرودة بدأ الأربعاء الماضي ، رأيت في منامي (وعادة لا تأتي المنامات كما نحب ونشتهي) أن أفضل طريقة للدخول إلى البيت هي تأبط غالون مازوت من الحجم العائلي لنشر الدفء في عموم البيت والعائلة، وعندها تكفي شمعة ووردة حمراء وقالب كاتو وبعض المشروبات والمكسرات ورقصة وموسيقا للاحتفال، وحين شرعت بحساب التكاليف المتوقعة استيقظت مرعوبا كمن لدغته أفعى، وتذكرت أن الأعياد التي تأتي في منتصف الشهر – وأول الشهر وآخر الشهر وفي كل يوم من الشهر – هي أشبه بكوابيس كاملة “الدسم” والنكد، ولا سيما أن أسعار الهدايا في عيد الحب تقفز كالقرود وتتلوى كالثعابين وتتنطط كالشياطين، والعياذ بالله..!

عدت بعدها مضطرا إلى جوالي لأتفقده بحثاً عن (رسالة محروقات) علها تنقذني من ورطتي، فوجدت أن الإشعار السيء الذكر “الطلب قيد الانتظار” ما زال الثابت الوحيد  منذ تموز الماضي، فانتابني شعور بارد بأن معاناتي مستمرة حتى الصيف القادم، ليكون حالي كحال المتنبي مع الحمى :

“بذلت لها المطارف والحشايا .. فعافتها وباتت في عظامي”

 ولا سيما أن خبر تخفيض المخصصات مع اقتراب المنخفض يشي بأن الأمور ليست على ما يرام، وخذوها مني نصيحة مجانية ..لا تعولوا على البطاقة “الذكية” دون “معجزة” سماوية لها علاقة بالأنبياء والصالحين(أصلح الله أحوالنا واحوالكم) قولوا آمين ..!

 وللهروب من هذا المأزق خطرت في بالي فكرة أخرى، لا تخطر في بال سوى المفلسين أمثالي، وقلت لماذا لا أحتفل بعيد الحب على الفيسبوك مثل كل عام، وعندها سيكون للاحتفال وقع خاص في نفس من أحب، وما أن فتحت صفحتي حتى عاجلتني عشرات المنشورات عن عيد الفالنتاين ، فهذا يتغزل وهذا يمدح وذاك يبرر وهذا يهاجم وهذا يشتم وذاك يستنكر، وكأن عيد الحب صار مادة جديدة للخلاف والنزاع والكراهية بين السوريين، لتسيل دماء الرفيق ” فالنتاين” والحب مرة أخرى بسيوفنا ومنشوراتنا..؟!

 وبينما أنا شارد الذهن متعكر المزاج شديد القلق والتوتر صدح صوت الراديو بأغنية المطرب المشهور فارس كرم وهو يردد بصوته الجهوري “بلا حب بلا بطيخ” فتمنيت لو أن عيد الحب يصادف في تموز حيث موسم البطيخ فاكهتي المفضلة، وحلمت بعودة الدلوعة نانسي عجرم إلى بيع البطيخ مرة جديدة كما حدث معها في  فيديو كليب أغنيتها المشهورة “ماتيجي هنا”، وعندها فقط سيحلّ البطيخ الأحمر كل معضلاتنا في عيد الحب  وسواه دون أن تسيل دماء أحد “ويا دار ما دخلك شر”..وتوتة توتة خلصت الحدوتة!