السلطة الرابعة – علي محمود جديد
شكراً جزيلاً ومن القلب أولاً للسيد وزير الإعلام عماد ساره على هذا الاختيار الجميل والموفق، بتكليف الزميلة المهنية والمتألقة المحترمة ( هناء ديب ) لأن تتسلّم منصب إدارة معهد الإعداد الإعلامي التابع لوزارة الإعلام.
كان لهذا القرار أثراً طيباً في نفوس الزملاء في صحيفة الثورة، والحقيقة في نفوس زملاء كثر آخرين أيضاً من جهات إعلامية مختلفة، وقد انعكس هذا بوضوح على صفحات التواصل الاجتماعي، غير أننا خصصنا الثورة لأن الزميلة هناء من كوادرها، فقد عشنا معها في مبنى الصحيفة عن قرب ولسنوات طويلة، ويسعدني جداً ليس فقط لأنني وأياها في دائرة الاقتصاد والتنمية في تلك الصحيفة، وإنما لأن مكتبي هو مكتبها ذاته نتناوب عليه، وكمبيوتري هو كمبيوترها الذي نتناوب عليه أيضاً، وبعد أن صارت مديرة لمعهد الإعداد الإعلامي، لست أدري من سوف يعرقلني من اليوم إلى أن تنتهي خدماتي ( قانوناً ) بعد أشهر قليلة، وذلك في نهايات شهر حزيران القادم.
كنت أصل أحياناً إلى الصحيفة فأجدها جالسة على المكتب، ومنهمكة في كتابة زاويتها الأسبوعية ( الكنز ) أو مادة صحفية أخرى، فتبتسم وتؤكد لي أنها لن تتأخر فهي تكاد أن تنجز ما تكتبه، فأبتسم أنا أيضاً وأوكد لها – مهما أكون مضغوطاً بالعمل – بأنني فارغ الأشغال ولا عمل لديّ، حرصاً على استمرارها بوتيرة إبداعها دون أي ضغط نفسي، ثم إن هذا مكتبها أيضاً ومن حقها أن تنجز أعمالها عليه بكل سهولة ويسر.
ولذلك فنحن نعرف جيداً كيف تفكّر، وكيف تهدينا نحن الزملاء باقات المودة والاحترام، وكيف تعيش بمهنية عالية وجدية، فرأيناها تلتقط الأفكار من هموم الناس، وتستحوذ على العبارات من أوجاعهم، وتمسك بأيديهم إلى شاطئ الأمل، تمتاز بجرأة الطرح وبموضوعيته.
تقول الزميلة هناء في زاوية لها في نهاية العام الماضي بعنوان :
( المسلسل متواصل )
إذا كان هناك من عنوان رئيس يوصف الواقع الاقتصادي والمعيشي لأغلبية المواطنين خلال العام الحالي الذي نودعه غير آسفين في الساعات المقبلة فهو الغلاء الفاحش لكل مستلزمات الحياة من الغذاء وصولاً للنقل والمحروقات وليس انتهاء بالعقارات إيجاراً وشراءً.
ويبدو أن هذ المسلسل الطويل والصعب مستمر خلال الفترة القادمة في ظل الخطوات المتواضعة والقليلة الأثر المتخذة من الجهات المعنية لضبط حالة الفوضى والفلتان السعري الحاصلة بمختلف الأسواق، حتى إن الطلب الخجول من بعض المواطنين على شراء بعض المنتجات كالفروج واللحوم الحمراء قابله التجار والباعة بزيادة كبيرة على أسعارها من دون أي رادع من ضمير أو مسؤولية ندرك جيداً افتقاد أغلبيتهم لها.
ما أتاح الفرصة لهؤلاء بالتحكم والتلاعب بحركة المواد والسلع بالأسواق وغيرها من المنتجات، تكاسل وتقصير مؤسسات وجهات معنية في تأدية دورها المطلوب بمثل هذه الحالات التي باتت مكشوفة ومتوقعة، كأن تعزز الحكومة مخازين مؤسساتها التدخلية من هذه المواد لطرحها بالسوق عند زيادة الطلب، وهذا من أبسط الإجراءات الاقتصادية المفترض اتخاذها بهذا المجال وتكامل هذه الخطوة الغائبة مع إجراءات حازمة لجهة الرقابة على الأسواق من جميع الجهات المعنية بها وهي كثيرة وغير فاعلة، ويقتصر عمل عناصرها في أغلب الأحيان على استغلال أصحاب الفعاليات التجارية بأخذ أتاوات ثمنها غضّ الطرف على المخالفات الكثيرة والجسيمة التي سجلت خلال هذا العام الحالي وتجاوزت بكثير ما سجل بسنوات سابقة باعتراف الجهات المعنية.
وعلى الطرف المقابل لا تبدو جملة التوجهات والإجراءات الحكومية التي تدعمها بجولات وزارية هدفها الاطلاع المباشر على معاناة وصعوبات حياة الناس على مختلف المستويات، كما تعلن دائماً ذات نتائج كبيرة على حياة المواطن أو الفلاح أو الصناعي، والدليل استمرار شكاوى المزارعين والصناعيين من التعامل مع ملفات قطاعاتهم بجانب واحد بأغلب الأحيان وترك جوانب أخرى مكملة وداعمة من دون علاج وتردي الخدمات المقدمة للمواطن ولاسيما الواقع الكهربائي الذي لم يدرك المسؤولون بعد حجم الخسائر الكبيرة الناجمة عن قطعه لساعات طويلة.
ما ينتظره الناس التعامل مع قضاياهم وملفات أزماتهم التي ترحل من عام لآخر مع وعود من الجهات التنفيذية بأن يحمل العام القادم انفراجات في تلك الأزمات بمسؤولية أكبر تنظر بعدسة كبيرة للواقع وتعرف جيداً توجيه الجهد والإمكانات نحو الأكثر أولوية لتأمين الحل الأمثل والمستدام للانتقال لاحقاً لملف آخر ودون ذلك سنبقى ندور بحلقة مفرغة عديمة الجدوى.
=======
نعم .. هكذا هو أسلوب الزميلة هناء، بهذه الجرأة والوضوح، تطرح المشكلة والحل، ولا تدع الناس بحالة من اليأس بل تترك منافذ واضحة لتبعث فيهم الأمل.
الشكر الجزيل مرة أخرى للسيد وزير الإعلام على هذا الاختيار الموفق لشخصية مهنية جريئة وعقلانية، والشكر مرة ثالثة لسببين أساسيين :
الأول : لأنها من جريدة الثورة، فنحن الأكفأ والأشدّ بأساً من كل الوسائل الإعلامية الأخرى وبلا منازع ( هنا تباً للتواضع )
الثاني : لأنها سيدة، وليس سيداً هذه المرّة، ولسوف تثبت في الأيام القادمة كفاءتها ومقدرتها على قيادة المعهد بطريقة فعالة، لتؤكد من جديد ريادة النساء السوريات ومقدرتهنّ على إحداث بصمات بارزة، ولتؤكد أيضاً صحة ما ذهبت إليه الزميلة المشاكسة بمهنيتها العالية ( لينا ديوب ) في مطالباتها بأن تحظى الإعلاميات السوريات ببعض المفاصل القيادية الصحفية، وعدم اقتصار ذلك على الرجال، ها قد حصل، وأعتقد أن الزميلة لينا لن تحبس أنفاسها من خشية عدم صحة توقعاتها، لأن النجاح لن يكون إلاّ حليفاً للسيدة هناء، التي نرجو لها كل الخير والتوفيق والتألق .. والمزيد من الإبداع.
وأخيراً أقول ( على الملأ ) ألف ألف مبروك لكِ يا هناء .. ومبروك للمعهد ومن فيه الذين جاءهم اليوم ( الكنز ) بحاله