الانفراج في المنطقة بات أكثر احتمالا بترجيح مالي للدبلوماسية مع سورية وإيران وحزب الله
إعداد السلطة الرابعة – عن وسائل ووكالات
فاجأ الرئيس الأمريكي جو بايدن العديد من الأوساط، ولاسيما الصهيونية، بتعيين الدبلوماسي المخضرم وخبير شؤون الشرق الأوسط روبرت مالي مندوبا له للشؤون الإيرانية.
وكشفت وسائل الإعلام الأمريكية عن مفاجأة أخرى هي أن روبرت مالي، هو نجل الصحفي اليساري المصري المولد، واليهودي، الحلبي الأصل سيمون مالي، أحد المدافعين عن قضايا العالم الثالث ومناهضة الاستعمار.
وولد مالي الأب في القاهرة لأسرة يهودية سورية تعيش في ظروف متواضعة، وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية، أصبح صحفيا وأرسلته صحيفة مصرية لتغطية أخبار الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، حيث التقى بزوجته الأمريكية باربرا.
ودعم مالي الأب ثورة جمال عبد الناصر في مصر عام 1952، وعينه ناصر ممثلا لجريدة “الجمهورية” اليومية المصرية في مدينة نيويورك.
أما مالي الابن المعين اليوم مندوبا لبايدن، فقد درس في عدد من أرقى الجامعات على مستوى العالم فهو خريج جامعتي هارفارد ويال الأمريكيتين حيث كان زميل الدراسة للرئيس السابق باراك أوباما.
كما نشر العديد من الأبحاث والدراسات بالاشتراك مع الباحث في جامعة أكسفورد حسين آغا تناولت قضايا ومشاكل الشرق الأوسط، وبينها “كامب ديفيد ومأساة الأخطاء” و”المفاوضات الأخيرة” و”ثلاثة رجال في مركب واحد” و”حماس ومخاطر السلطة” و”الثورة العربية المضادة”.
وتنبغي الإشارة – حسب روسيا اليوم – إلى أن روبرت مالي الذي يتحدث الإنجليزية والفرنسية والعربية، ليس بعيدا عن الملف الإيراني، ذلك أنه قاد الجانب الأمريكي من موقعه مستشارا دبلوماسيا للرئيس الأسبق باراك أوباما، في المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني عام 2015.
من جهته موقع ( الميادين نت ) اعتبر أن الديبلوماسي السابق ( روبرت مالي ) يتمتع بمسيرة مهنية طويلة، فقد خدم في فريق الأمن القومي كمدير لشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، كما كان مساعداً للرئيس لشؤون الصراع العربي الإسرائيلي.
ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مصادر أميركية أن “لروبرت مالي سجلاً حافلاً وطويلاً في التعاطف مع إيران وهو معادٍ لإسرائيل”، مضيفةً أنه “يرتبط بعلاقات قوية مع الإيرانيين”.
واعتبر الإعلام الإسرائيلي أن “القول بأن مالي دبلوماسي نيته حماية أمن إسرائيل هو مجرد كلام في أحسن الأحوال، فهو عارض المبادئ التي قدمها وزير الخارجية السابق مايك بومبيو في فترة ترامب كشرط لرفع العقوبات عن إيران”.
يعتبر روبرت مالي أحد “عرابي” الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى في عهد أوباما، فهل سيؤدي دوراً دافعاً – تسأل الميادين – لعودة إدارة بايدن للاتفاق والتواصل مع طهران؟
خطابات مالي ترشحه للعب دور بنّاء في العودة للإتفاق النووي
في هذا الصدد، قال الأستاذ في جامعة طهران حسن أحمديان للميادين نت إن “مالي عمل مستشاراً لإدارة أوباما في المفاوضات النووية وانتقد سياسة الرئيس ترامب تجاه إيران، هذه المواقف إلى جانب خطابه المرجّح للتفاوض بدل الضغط والتدرّج والتهوّر، ترشحه للعب دور بنّاء في العودة للإتفاق النووي والبناء عليه”.
وفيما يخص الانتقادات الموجهة لمالي، اعتبر أحمديان أنها أتت على الأغلب من الدائرة المعارضة للتفاوض مع إيران والداعية للضغط عليها. حيث يرى هؤلاء أنه “منحاز للجمهورية الإسلامية وبعيد عن الحياد المطلوب في التعاطي مع الملفات العالقة في المنطقة”.
ورغم بُعد هذه الرؤية عن الواقع، إلا أن تفهّم “مالي” للأبعاد الاستراتيجية لسياسة إيران النووية والإقليمية ودعوته لمحاورتها بدل الضغط عليها للتوصّل لحلول معها، يدخل، بحسب أحمديان، “في سياقات غير مسبوقة أو قل نظيرها في الإدارات الأميرکية السابقة. ولذلك تعرّض لانتقادات هدفت لحمل بايدن على التراجع عن ترشيحه لهذا المنصب”.
والمأمول إيرانياً، بحسب الأستاذ الجامعي الإيراني، أن يسعى “مالي” إلى رفع هذه العقوبات، خصوصاً أن “خطاب الرجل يرجّح عقلانية أكبر من الإدارة السابقة” في التعاطي مع الجمهورية.
وهو يعلم أن التغيير المأمول أميرکياً في العودة للإتفاق النووي “لن يحدث دون إلغاء عقوبات الضغط الأقصى والعقوبات الملغاة سابقاً في الإتفاق النووي، لذلك فمن المرجّح أن يضع في جدوله السياسي تجاه إيران مکاناً واضحاً لرفع العقوبات”، وفقاً لأحمديان.
هل يؤثر تعيين “مالي” على الملف السوري؟
قبيل تعيين مالي مبعوثاً أميركياً لشؤون إيران، نشرت “واشنطن بوست” مقالاً تحت عنوان “مبعوث بايدن لإيران سيعقد مقاربته لسوريا”.
يقول الكاتب في هذا المقال:
إن “عودة مالي إلى الحكومة الأميركية ستكون لها تداعيات هائلة على سوريا ما سينتج عنه خلاف محتمل داخل فريق بايدن منذ البداية”.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين سابقين في إدارة أوباما أنه حين كان “مالي” مسؤولاً في البيت الأبيض عارض دعم المعارضة السورية وقاوم الإجراءات العقابية ضد الرئيس بشار الأسد جزئياً بهدف حماية المفاوضات النووية.
وتعليقاً على هذه النقطة، قال أحمديان إن “أحد الأمور المطروحة من قبل الإدارة الجديدة تجاه إيران هو ضرورة محاورتها حول الملفات الإقليمية (الحوار مع سوريا وإيران وحزب الله) وقدراتها الدفاعية”.
ولفت إلى أنه من الواضح أن خطاب بايدن وانتقاداته لسياسة سلفه ترجّح الرکون للدبلوماسية إلى جانب الضغط، ومعروف أن الدبلوماسية لم تحظ باهتمام الإدارة السابقة، مؤكداً “لذلك يُراد من خلال الخطاب المختلف وتنصيب شخصيات مرنة کمالي تفعيل الدبلوماسية والاستعانة بها في التوصّل لحلول لأزمات فشلت إدارة ترامب في حلها بل وزادت من حدتها”.
مالي و”علاقاته” مع الفلسطينيين
تشير المعطيات إلى ميل الديبلوماسي السابق إلى فكرة “التفاهمات” والتي ستفضي برأيه إلى تخفيض التوتّر في المنطقة، وقد كانت “خطيئة مالي الأصلية” في نظر أنصار “إسرائيل” في أميركا، هي تكذيبه لرواية رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، عن “عروضه السخية” التي قَدّمها للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والتي رفضها الأخير، خلال “قمّة كامب ديفيد” التي جمعتهما مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عام 2000.
يشار إلى أن “مالي” ارتبط بعلاقة عمل غير رسمية مع إدارة أوباما، والتي توقفت بعد الكشف عن قيامه باتصالات مع ممثلين عن بعض الفصائل الفلسطينية في السابق. فما هو دور مالي في الملف الفلسطيني؟
وهنا يقول محمد كناعنة عضو المكتب السياسي لحركة “أبناء البلد” للميادين نت إن “هناك أوساطاً عديدة تُعارض هذا التعيين لروبرت مالي وتَتَخَوَّف من تأثيرهِ على الدبلوماسية الأميركية في المنطقة”.
فهذا التخوف، وفقاً لكناعنة، يأتي على خلفية علاقات مالي مع أوساط فلسطينية مختلفة، هذا عدا عن لقاءاته مع شخصيات من مختلف القوى الفاعلة في محور المقاومة، معتبراً أن “هذا التوجّه الذي يحمله مالي حصد له أعداء من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية ومن الساسة الصهاينة في فلسطين”.
كناعنة رأى أن هذا التعيين يأتي “لتخفيف حدة الهجوم على السياسة الخارجية الأميركية، وفي ذات الوقت محاولة الخروج من تحت عباءة سياسة دونالد ترامب الخارجية والتي كانت لا تحمل غيرَ التوتر والتوتير في المنطقة”.
صحيفة “إسرائيل هيوم” المؤيدة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اعتبرت أن “القول إن مالي دبلوماسي نيته حماية أمن “إسرائيل” هو مجرد كلام في أحسن الأحوال”، وبرأي كناعنة أمثال روبرت مالي هُم الأكثر حرصاً على “أمن الكيان الصهيوني عبر دبلوماسيتهم الناعمة والتي من خلالها قد يستطيعون تحقيق مصالح الكيان، الأمنية والاقتصادية”.
من جهتها قناة العالم أشارت إلى أنّ روبرت مالي “58” عاما ،هو محام وخبير سياسي مختص في مجال حل النزاعات ،وهو ايضا نجل الصحافي اليهودي المصري ،سيمون مالي، الذي عاش في فرنسا والولايات المتحدة، ويعد من رواد الحركة الليبرالية، ويتمتع الديبلوماسي السابق بمسيرة مهنية طويلة، وكان مالي في وقت سابق من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قد انتقد اغتيال العالم الشهيد الإيراني محسن فخري زاده، قائلًا إن الهجوم “سيجعل من الصعب على خليفة ترامب استئناف الدبلوماسية مع إيران”.
وتشير المعطيات إلى ميل الديبلوماسي السابق إلى فكرة “التفاهمات” والتي ستفضي برأيه إلى تخفيض التوتّر في المنطقة.
وأشارت ( العالم ) إلى أنّ «خطيئة مالي الأصلية» في نظر أنصار “إسرائيل” في أميركا، كانت هي تكذيبه لرواية رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق، إيهود باراك، عن «عروضه السخية» التي قَدّمها للرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، والتي رفضها الأخير، خلال «قمّة كامب ديفيد» التي جمعتهما مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون، عام 2000.. وقد حضر مالي القمّة آنذاك بصفته عضواً في مجلس الأمن القومي، وأوضح في مقال نشره في 2001، بعد وصول فريق بوش الابن إلى السلطة، ومغادرته المجلس للانضمام إلى «مجموعة الأزمات الدولية» كمدير لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيها، أن هذه العروض كانت في حقيقتها “فخّاً للفلسطينيين”، يتيح تأبيد السيطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلّة عام 1967.
وقد زادت المواقف التي عَبّر عنها في السنوات التالية حيال بعض الفصائل الفلسطينية وضرورة الانفتاح عليها، وكذلك تشجيعه على الحوار مع سوريا وإيران وحزب الله، ولقاءاته مع مسؤولين من جميع هذه الأطراف، من عداء اللوبي الصهيوني له.
على كل حال سواء حصل انفراج فعلي أم لم يحصل من خلال هذا المؤشّر الاحتمالي بتعيين روبرت مالي مبعوثاً أمريكياً إلى طهران، فإن الاتجاه نحو الطرق الدبلوماسية يبقى هو الأجدى والأكثر إنسانية، بعد أن أثبتت الطرق الوحشية فشلها، ومساهمتها الكبيرة في تفاقم الأوضاع