جديد 4E

وعندما تكسد البضائع المهربة أيضاً ..ستكون الليرة قد انهكت والقدرة الشرائية قد عجزت والصناعة الوطنية قد توقفت

السلطة الرابعة – 4e

يبدو أن تمكُّن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية من تخفيض فاتورة الاستيراد الى ما لا يتجاوز الـ 4 مليارات يورو عبر اتباع سياسة متوازنة وتتابعية لترشيد الاستيراد وإخراج كافة الكماليات من بنود الاستيراد ومن ثم إخراج واسع للسلع التي لدى سورية انتاج محلي منها يكفي حاجة السوق، والخطوة الثالثة والتي تسير وزارة الاقتصاد بها بوتيرة عالية وهي العمل على توطين الصناعات البديلة للمستوردات ضمن برنامج مهم بدأ به الوزير سامر الخليل منذ تسلمه حقيبة الاقتصاد ..

كل هذا لم ولن يروق للتجار الذين دأبوا على مقاومة ترشيد الاستيراد مستخدمين كل الطرق والسبل بما فيها التهريب الذي بلغت فاتورته الرسمية من تركيا العدوة  لوحدها أكثر من مليار و700 مليون دولار ؟

طبعا النجاح في قطف ثمار تخفيض فاتورة الاستيراد والتي نؤكد أنها تمت وفق أسس ودراسات صحيحة بغض النظر عن أصوات التجار وارتفاعها في وجه سياسة الترشيد بل ومطالبتها بالفتح الكامل للاستيراد وإلا فالتهريب هو الحل  ..

نعم التهريب هو الحل والذي لجأوا إليه فعلا  .. فمع الارقام الكبيرة التي مازال يسجلها التهريب والذي استقطب التجار إليه وليس ممتهني التهريب فقط، تبدو جبهة تخفيض وترشيد الاستيراد ضعيفة لأن نشاط التهريب يستنزف مخزون البلد من القطع الأجنبي ويساهم في رفع سعر الصرف وتراجع القدرة الشرائية للناس  ويبدو واضحاً أنّنا نقترب جدا من الحد الذي ستكسد فيها بضائع التهريب نفسها بدليل أن معظمها منتهي الصلاحية وفاسد  وذلك لعدم وجود قدرة شرائية وبالمقابل سيكون التهريب قد فعل فعلته بقتل  الإنتاج المحلي وتراجع سعر صرف الليرة وانعدام القدرة الشرائية للناس.

التهريب هو العلة الحقيقة التي يعاني منها الاقتصاد السوري حاليا وللأسف نلاحظ أنّ الغرف لم تتحرك باتجاه التهريب إلا عندما اعتبرت أنّ مكافحته مست مصالح التجار وليس مصلحة البلد فتحركت وأعلت الصوت مدافعة عن التجار المهربين او الذين يتاجرون بالمهربات الممنوعة أصلا بالقانون ولكن لا أحد منهم يريد الاعتراف أو احترام هذا القانون  ..

من الخطأ إعطاء أي مساحة حوار للمهربين أياً كانوا ومن الخطأ الاعتقاد أنّه يجب أن تجري اجتماعات ” الخطي ” في الغرف لتصوير الأمر وكأن التجارة ستنفقد من البلد بسبب حملات الجمارك على المتاجر والمستودعات التي تتاجر بالمهربات وللمعلومات فإن كل الاخباريات عن وجود مهربات سواء في دمشق وريفها او حلب واللاذقية كلها كانت صحيحة وكان هناك فعلا مواد مهربة وما صفقة الحديد القادمة من تركيا الا مثال يثير السخط والخيبة ؟

قضايا التجار المهربين لا تحتاج إلا للبتر أما كل ذلك الحوار الذي شهدناه فلم يكن إلا محاولة لتشريع عمل المهربين بل وللهروب الى الأمام ..

التهريب في هذه الظروف الصعبة وفي اطار ما نتعرض له من حصار وما يحضر لنا من قيصر جديد ما هو إلا حلقة أخيرة وقاضية  في استنزاف مخزون البلد من القطع وإصرار على إنهاك الليرة حتى النهاية وكما قلنا أعلاه مزيد من التهريب يعني مزيداً من استنزاف القطع ومزيداً من التراجع في سعر الصرف ومزيداً من تراجع القدرة الشرائية وعجزها، وبالمحصلة لن يكون هناك زبون للمهربات ولكن ستكون الصناعة الوطنية قد دمرت لأنّ هناك تجاراً جشعين لا يريدون التوقف عن فهم مصلحة البلد قبل مصلحتهم وهنا لا نعمم فنحن نقصد المهربين والتجار المهربين .

اليوم وبعد ضبط التسهيلات والتمويل لابد من العمل على منع التهريب بشكل صارم والعمل على ضبط سعر الصرف بشكل إلزامي لتحقيق التطور بالإنتاج والتشغيل .. لأن الانتاج هو الذي سيقود الاقتصاد ومعيشة الناس الى الخلاص وليس كما يحاول التجار الكبار والصغار منهم تسويق فكرة أنهم تمكنوا من تأمين عدم فقدان أي  سلعة من السوق .. بينما كانت السياسة الرسمية للتجارة الخارجية هي المنع الكامل لاستيراد الكماليات وترشيد ما يمكن انتاجه حفاظا على القطع وتشجيعا للصناعة الوطنية ؟ 

في الحقيقة فعلا لم تنفقد السلع وكان التهريب أحد المنافذ الرئيسية لتأمين كل تلك السلع التي كان يمكن الاستغناء عنها لتوفير القطع لصالح عدم الضغط على الليرة ولصالح تأمين الأساسيات ولذلك فعلا ها هي كل السلع متوفرة ولكن من يشتري.. بعد أن امعن المهربون في إنهاك الليرة والصناعة الوطنية ..؟

لنسرع بسد منافذ التهريب كي لا نصل الى النقطة التي لا عودة فيها وكلنا يعرف ماهي العواقب والنتائج .. يجب عدم الإصغاء الى التضليل الذي يمارسه بعض التجار والمهربين وحتى الأثرياء الذين لا يهمهم الا ان يستهلكوا، وللأسف تم استخدام منابر الغرف .. 

التهريب يقتلنا وسيقتلنا اكثر إذا لم يترافق ترشيد الاستيراد مع منع التهريب واطلاق العملية الانتاجية .

هامش :

عندما رفعت الحكومة السابقة شعار 2020 عام بلا تهريب .. قال سامر الدبس رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها : في معركتنا ضد التهريب نكون أو لا نكون، اليوم في 2021 ماذا يقول الدبس وكل الصناعيين والبلاد ترزح تحت حصار هو الأقسى  زاد من وطأته  وباء كورونا ؟

( سيريا ستيبس )