جديد 4E

تقدّم وتخلّف..!!

عبد الحليم سعود

 يبدو أن الحديث أو الكتابة عن الأزمات الخانقة والمتكررة التي نعيشها “كمواطنين” بشكل يومي، وإثارتها في التلفزيون والصحافة والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لم يعد يجدي أو يأتي بأي نتيجة، وأغلب الظن أن المعنيين بحل أزماتنا لا يقرؤون ولا يشاهدون، وليس لديهم الوقت الكافي لذلك (ربما مشغولون بقضايا المناخ)، أو أن من ينقلون إليهم النشرات الجوية ،عفوا الأخبار، يقدمون لهم رؤية خيالية عما يجري في الواقع، كيلا يشغلوهم عن مسؤولياتهم (الكونية)، أو أن الغاية من ذلك اختبار قدرتنا على الصبر والصمود في (مناطحة) الضغوط، ولا سيما أن شماعة الحرب الظالمة والحصار الجائر جاهزة دائماً لتعليق كل تقصير وإهمال بحقنا،  وبإمكان كل تصريح أو تبرير “رسمي” أن يسد أبواز  كل من يريد أن يفتح بوزه..!

 سألني صديقي كثير الغلبة ( أرجح أنه أراد أن يمتحنني لغاية في نفسه الأمارة بالسوء)..

– هل تعرف لماذا تخلفنا ولماذا تقدم الغرب ..؟!

 فقلت له:

– على العكس تماماً يا صديقي، فنحن متقدمون والغرب هو المتخلف، ودليل ذلك أنه مستمر بالتآمر علينا لوقف تقدمنا، ومحاولة اللحاق بنا، ولولا شعوره بالحسد والغيرة، لما ضيّع وقته في محاولة عرقلة تقدمنا المذهل..!

 نظر إلي الصديق بدهشة كبيرة بعد أن فاجأته إجابتي، وكان يتوقع مني جوابا مختلفاً ثم سأل:

– لعلك تسخر ولا تقول الحقيقة..؟!

– أبداً أبداً…انظر إلى ما يجري بخصوص كورونا مثلاً، فقد شكّلت هذه الجائحة معضلة خطيرة للكثير من الحكومات الغربية وأدت إلى نتائج اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة .. ، ولم تنفعهم كل إجراءاتهم الاحترازية، ولا لقاحاتهم ..بينما نحن( عين الله تحرسنا) تعايشنا مع الجائحة ومارسنا حياتنا بشكل طبيعي، فلا شيء تغير في حياتنا، وكأننا محصنون ضد الأوبئة والأمراض.. فهل هذا دليل تقدم أم ماذا..؟!

ابتلع الصديق لعابه ثم واجهني بسؤال متشعب توقّع أن أرفع له الراية البيضاء:

– حسنٌ.. ما قولك بالانقطاع شبه الدائم للكهرباء والنت، والازدحام الشديد على محطات الوقود والأفران ووسائل النقل، والنقص الشديد بوقود التدفئة، والغلاء الهائل في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والكهربائية والأدوية والعقارات والخدمات والإيجارات، والغش المستشري في الكثير من الصناعات، وضعف الرواتب والأجور، وجشع التجار والشركات، والفساد المتحكم في القطاعات، والهدر الكبير في الموارد والإمكانات، التهريب، التهرب الضريبي، رداءة التعليم العام، غلاء التعليم الخاص والدروس الخصوصية، تفشي الواسطات والمحسوبيات، الهروب من تحمل المسؤوليات، كذب  التصريحات وكثرة التبريرات، تراجع الكثير من الخدمات، هروب الكوادر والكفاءات…..؟!

 ثم تابع الصديق “بقّ البحصة” التي تؤرقه، إلى أن أفرغ كل ما في جعبته من هموم، ثم سألني بكل حماسة وتحد :

– ما رأيك في هذا ..؟!

فقلت محاولا إنهاء الحديث عند هذا الحد :

– هذا هو سر تقدمنا يافهيم…!