يونس خلف
من الطبيعي ان يكون هناك ثمة قلق مبرر في ظل غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة الفساد وفي ظل وجود من يمنعون محاربة الفساد، لا بل اكثر من ذلك من يحمون منظومة الفساد .
سلاح هؤلاء نقيض سيادة القانون، ونقيض الحفاظ على الاقتصاد الوطني وحمايته، ونقيض النزاهة، ومثل هؤلاء يعتقدون أنهم بعرقلة محاربة الفساد ورفع الإصبع تحت غطاء الخط الاحمر للتخويف، لكن ليتهم يفهمون إن كل ذلك لا يخيف من يمتلك الحقائق ولا يهتم بالأكاذيب، وليتهم يفهمون أن الذين يحاربون الفساد لن ينجروا إلى ملعبهم الفاسد .
المأمول هو أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم في محاربة الفساد وعدم تزكية أي شخص أو حماية من تحوم حوله شبهات الفساد .
ولعل الأخطر من ذلك في محاربة الفساد وجود بعض المضايقات من (بعض) المتنفذين أو أصحاب القرار لوقائع وآليات العمل التي تستهدف الفاسدين . ومحاولة حرف هذه الوقائع عن مسارها أو تمييع الملفات كلها و ترحيلها كي لا تصل إلى كل من له علاقة بقضايا الفساد وكي تتوقف الأمور عند الحلقة الأضعف أو عند من ضحى بنفسه من أجلهم بينما هم ضحوا به . ولذلك مثل هؤلاء يعيشون في قلق و هلع دائم خوفاً من الوصول إلى حُماة الفساد أو (عش الدبابير) ، وطبيعي جداً أن يكون هناك حبلاً سرياً يربط بين حُماة الفساد وأدواته ومن يريد البحث عن مكمن ذلك الحبل السري عليه أن يفتش عن الأسباب الموجبة التي تدفع البعض إلى تقويض كل الجهود التي تسعى لمحاربة الفساد ومحاولة إرباك أو تعطيل عجلة الوصول إلى المُفسدين الذين يقفون وراء الفاسدين ، وكذلك المحاولات اليائسة لحملات التشويه والتضليل والتشكيك التي يقف وراءها أشخاص يخشون المساءلة والمحاسبة ، ففي الوقت الذي يجب أن تتوفر فيه علاقة التكامل والتعاون بين جميع الجهات الرسمية في ملف من ملفات الفساد تقف بعض الجهات عامل إعاقة في طريق محاربة الفساد ليصبح طريق مكافحة الفساد طويل وعسير .
لقد تعاقبت حكومات عديدة رافعة شعار مكافحة الفساد ضمن أولوياتها وأهدافها الرئيسية إلا أن أغلبها بقي متردّداً وممارساً في الغالب لسياسة الخطوة إلى الأمام والخطوتين إلى الوراء، أو تجدها خاضعة لضغوطات ترد عليها لتمرير الفساد أو تبريره . ويبقى الأمر الأكثر خطورة من الفساد هو أن يتشكل الموقف الجمعي بين الناس والذي يرى أنه لا جزاء للفاسدين وبالتالي لا فائدة من التظلم وتقديم الشكاوى لأن النتيجة ستكون واحدة وهي الإفلات من العقاب. ويساهم هذا الأمر في إيقاف زخم الكشف عن الفساد والتبليغ عنه ورفضه والتنديد به.
فهل وصلنا إلى هذا الموقف وهل ثمة أكثر وأكبر من هكذا إحباط ويأس عندما يكون لا جزاء للفاسدين.
مقالة بعنوان : ( لا جزاء للفاسدين ..! )
عن صفحة الزميل يونس خلف 12 / 1 / 2021م