جديد 4E

الدفء الهارب وسط تعثّرٍ وتلاعب بتوزيع المازوت وغلاء الحطب .. وسُبات الكهرباء .. !

شركة محروقات تنجح في فك الارتباط بين البرد والوقود .. وتفشل مع لجان المحافظات بطرائق التوزيع

السلطة الرابعة – إعداد علي محمود جديد

استطاعت شركة محروقات – من شدة كفاءتها في أداء أعمالها – أن تنجح في فكّ الارتباط بين البرد والوقود، فعلى الرغم من فهمها العميق لمعاني ووظائف المشتقات النفطية، ومن ضمنها المازوت طبعاً، فهي دائماً تريد أن تقول لنا بأنه لا مشكلة بتوزيع المازوت عند اشتداد الحرارة صيفاً، ولا بأس بأن نُمضي برودة الشتاء القارس بدون مازوت، فالمهم عندها هو الوعد الذي تقطعه على نفسها وتبلغنا فيه بكل ثقة أن هذا المازوت اللعين الذي اسمه ( مازوت التدفئة ) ستقوم بتسليمنا إياه خلال سنة، تبدأ من الصيف وتنتهي في الصيف الذي يليه، وهي تعطينا هذه المعلومة برسالة مكتوبة على تطبيق البطاقة الذكية بكل جرأة وكأنها لا تفعل شيئاً غريباً وتقوم بعملٍ عادي لا يشير إلى أي مهزلة .. ! وهذه في الحقيقة حالة صارت تحتاج إلى علاج ليس إدارياً بقدر ما هو صحي ونفسي باعتبار أن محروقات تعتبره إجراء عادياً في حين هو أقرب إلى الهبل.

والأنكى من ذلك أنه يمرّ الصيف الأول .. ومن بعده الخريف ويحطّ برد الشتاء رحاله في عظامنا ينخرها بلا هوادة ويأتي الربيع ومن بعده الصيف الثاني ولا يصل مازوت التدفئة، وإن قطعنا الصيف دون استلام شيء – وهذا يحصل كثيراً – فيكون الحق علينا ونُحمّل مسؤولية تأخيرهم فيشطب استحقاق السنة المازوتيّة الماضية وتظهر لنا مخصصات السنة الجديدة، ومن يدري فقد لا نحصل على شيء أيضاً فهذا ليس مهماً .. المهم تحديد المستحقات خلال السنة ..!!

في الحقيقة لا نتحدث من فراغ فهذا ما حصل معنا ومع الكثيرين من الناس، ولاسيما في المناطق والمرتفعات البعيدة حيث تتناثر القرى النائية شديدة البرودة وسكانها تصطكّ طلباً لدفءٍ مفقود.

السلطة الرابعة رصدت معاناة الناس وواقع الحال من خلال ما يجري تداوله في الاعلام وفي أحاديث الناس وخيباتهم التي لا يعبرون عنها من خلال نقص المازوت بحدّ ذاته، فهم يقدرون صعوبة تأمين تلك المادة بسبب العقوبات والحصار المجرم على سورية، غير أن تلك الخيبات تنجم عن سوء التوزيع في ظل غياب خطط محكمة تتناغم بين الاحتياجات وما هو متوفر، لا بل هناك مزاعم جاهزة للهروب من الخطأ في المشكلة والتملص منها.

 وتنجم تلك الخيبات أيضاً أنه في ظل فشل توزيع مازوت التدفئة بشكل عادلٍ ومنتظم وحرمان أسر كثيرة أو تأخير استلامها لاستحقاقاتها من المخصصات التي تدعمها الدولة، فإن السوق السوداء عامرة بالمازوت .. فهناك يتوفر بكثرة وكالعادة بأسعارٍ مضاعفة ..!

400 لتر لكل عائلة .. ومن ثم .. !

في أواسط شهر أيلول الماضي أكدت وزارة النفط والثروة المعدنية استمرارها بتوزيع الدفعة الأولى من مادة مازوت التدفئة بواقع 200 لتر لكل عائلة وفي المحافظات كافة.

ونقلت وكالة سانا عن الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية “محروقات” أنها أعلنت في شهر آب الماضي أنه سيتم توزيع مادة مازوت التدفئة لموسم شتاء 2020-2021 عبر البطاقة الالكترونية العائلية بمعدل 200 ليتر لكل عائلة للدفعة الأولى في كل المحافظات على أن يتم توزيع الدفعة الثانية بكمية 200 ليتر بعد استكمال الدفعة الأولى.

ولكن في 3 / 12 / 2020م نفى مصدر حكومي مطلع على عمل وزارة النفط صدور أي قرار من وزارة النفط بتخفيض كمية المازوت المدعوم المخصص للعائلات من 200 ليتر إلى 100 ليتر في كافة المحافظات.

وبين أنه تم تخفيض الكمية من 200 إلى 100 ليتر بقرار من لجنة المحروقات في بعض المحافظات مثل محافظات حلب واللاذقية وطرطوس وذلك من أجل تأمين وصول مادة مازوت التدفئة لكافة العائلات المسجلة عليها في هذه المحافظات.

وكان مدير محروقات حلب سائد البيك قد صرح منذ أيام أنه تم تخفيض المازوت المنزلي المخصص للعائلات في حلب من 200 إلى 100 ليتر، موضحاً أن القرار مركزي من دمشق، معتقداً أنه سيشمل كل المحافظات. كما صدر مؤخراً قرار من لجنة المحروقات في القنيطرة بتخفيض مخصصات العائلات من مازوت التدفئة من 200 ليتر إلى 100 ليتر، وبالمقابل كان مدير محروقات دمشق إبراهيم أسعد قد نفى في تصريح لـ«الوطن» تخفيض مخصصات العائلات في دمشق.

مزاعم المشهد المتناقض ..!

وفي الوقت الذي بحّت فيه أصوات الكثير من المواطنين وهم يصرخون أنهم لم يستلموا شيئاً، أكد عيسى عيسى مدير الصيانة والتشغيل أن الكميات المخصصة للمحافظات قد تمت زيادتها للتسريع في عمليات التوزيع التي ألبس تهمة إشكالاتها إلى لجنة المحروقات في كل محافظة.

وفي الوقت الذي أكد فيه – خلال لقاء أجرته معه الزميلة رائدة وقاف وبُثّ على الفضائية السورية – أنّ هناك أولويات في التوزيع الذي يتم لأسر الشهداء أولاً وقبل الجميع، ومن ثم يتم التركيز على المناطق الباردة وتلك التي تضررت بالحرائق، ومن ثم .. ومن ثم … إلى آخر الأولويات التي حددها وأراد التسويق لها .. ولكن بعد أن أحرجته الزميلة رائدة بالأسئلة المستندة إلى شكاوى الناس، أسرع ليقول بأن لا علاقة لمحروقات بعمليات التوزيع فهي ترسل الطلبات إلى المحافظات ومن ثم تقوم لجان المحروقات في كل محافظة بتولي عمليات التوزيع ..!!

هذا يعني أن شركة محروقات لا علاقة لها لا بأسر الشهداء ولا بالمناطق الباردة ولا بتلك التي تعرضت للحرائق .. ولا بأي شكل من أشكال أولويات التوزيع التي جرى الحديث عنها .. فلماذا هذا التناقض كله ..؟!

في الحقيقة هو تناقض يشبههم، فسوء الأداء سيد الموقف، وهو الذي يرسم المشهد الحالي سواء كان بريشة شركة محروقات أم بريشة لجان المحروقات في المحافظات.

حوار مع مسؤول محروقات عيسى عيسى في 20 / 11 / 2020 الذي أفضى بمتناقضاته

واقع الحال في حمص مثلاً

في تحقيق صحفي أجرته الزميلة سلوى الديب من محافظة حمص لصحيفة الثورة تحت عنوان :

( أكثر من 70% من المواطنين في حمص يواجهون برد الشتاء بلا مازوت.. انتعاش واضح للسوق السوداء ونقص في الكميات المخصصة للمحافظة ) ونشر في 2 كانون الثاني 2021 نقلت فيه معاناة العديد من الأخوة المواطنين ومنهم أسر شهداء أيضاً، جراء عدم تزويدهم بمخصصاتهم من مازوت التدفئة، وقالت سلوى :

جاء الشتاء وبرده القاسي إلا أن مادة مازوت التدفئة لم تتوفر لأغلب الناس برغم الوعود الكثيرة بزيادة كمية المازوت لمدينة حمص.

ثم التقت مع نماذج من الأخوة المواطنين الذين عبروا عن معاناتهم، واستغرابهم بأنفصل البرد قد بدأ ولم توزع مادة المازوت المدعوم من الدولة، في حين وصل سعر الـ 20 ليترا من المازوت الحر إلى 20 ألف ليرة، وأبرزوا معاناتهم بوجود أطفال صغار أحياناً وعجائز أحياناً أخرى، مع غياب الدخل الثابت عند بعضهم إذ يستندون إلى أعمال حرة .

ذوو الشهداء لم يحصلوا على مخصصاتهم:

والتقت سلوى مع زوجة شهيد أكدت لها أنها لم تحصل على مخصصاتها من المازوت حتى الآن رغم أن لديها طلاب مدارس فتضطر لشراء المازوت بالسعر الحر.

وتساءل البعض : كيف يمكن حل مشكلة البرد دون مازوت؟ خصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري والديسك والروماتيزم أو حتى الربو في ظل انخفاض دخل الفرد وعدم تناسبه مع متطلبات الحياة، وهم يضطرون لشراء المازوت الحرّ كل خمسة أيام، فلا يوقدون المدفأة إلا مساء من السابعة حتى العاشرة وبعد ذلك يُلزم الأطفال بالإيواء للفراش خوفاً عليهم من البرد.

الحطب الغالي:

البعض فكّر باللجوء إلى الحطب لحل مشكلة البرد الذي يداهم الأجساد كباراً وصغاراً، ولكن الفارق كبير في التكلفة فسعر الكيلو يصل إلى 250 ليرة. في حين تخوّف البعض الآخر من نزلات البرد الشديد نتيجة نقص مازوت التدفئة وعدم قدرتهم على تأمينه إلا بأسعار مرتفعة من السوق السوداء.

توزيع المازوت جائر:

واستعرضت الزميلة سلوى الحالات السيئة في بعض المناطق والأحياء وصولاً إلى حي عكرمة حيث أكد عضو لجنة حي عكرمة الجنوبية جهاد رمضان بأن عدد المستفيدين من البطاقة الذكية في الحي بلغ 6400 وفي ضاحية الوليد 2700 عائلة، فكميات المازوت قليلة في المحافظة، لكن التوزيع ضمن الإمكانيات جائر جداً، إذ يكون التوزيع حسب خطة في الحي يضعها المختار ففي العام الماضي بدأ التوزيع من منتصف الحي ثم يتم تتقدم عملية التوزيع شارع باتجاه الشمال وشارع باتجاه الجنوب، أما هذا العام فبدأنا من الشارع الأول والأخير في الحي باتجاه الوسط، وقد علمت من أحد المصادر – يقول رمضان – أنه تم تحويل أحد الصهاريج المخصصة للحي إلى قرية متاخمة لمدينة حمص من خلال علاقات شخصية دون وجه حق، ما حرم الحي من مخصصاته، علماً أن أغلب أحياء حمص لم يتجاوز توزيع المازوت فيها 20% مع غياب في عدالة التوزيع لجميع الأحياء.

رد المكتب التنفيذي لمحافظة حمص:

أجاب عضو المكتب التنفيذي في محافظة حمص المهندس تمام السباعي مسؤول قطاع التجارة الداخلية وحماية المستهلك على بعض التساؤلات قائلاً: نحن نقوم بدراسة نسبة التوزيع في كل حي، ولكن كمية مادة المازوت قليلة إجمالاً، علماً أننا تلقينا العديد من الوعود والتصريحات بزيادة الكمية، ولكنها حتى الآن هي نفس النسبة ولا تتجاوز السبع طلبات يومياً على كامل المحافظة ريفاً ومدينة، فنقوم بإرسال ثلاث طلبات للريف وأربعة للمدينة وأحياناً العكس، ونقوم بشكل دائم بإحصاء العائلات للمحافظة على نسبة واحده في كافة الأحياء مثال عندما يكون لدي 6000 أسرة في كرم اللوز وفي حي القصور وجورة الشياح 1000 عائلة، فنقوم بإرسال طلب واحد لجورة الشياح وثلاث طلبات لكرم اللوز لتصل النسبة لـ 10% في الحيين..

نسبة التوزيع 28%:

ومنذ أربعة أيام وصلت نسبة التوزيع 28% بين ريف ومدينة، وبالمقابل لدينا أكثر من 70% من الأهالي لم يحصلوا على الدفعة الأولى من المازوت حتى الآن، ونحن نأمل مع بداية العام الجديد أن يكون الوضع أفضل.

علماً أننا في مثل هذا اليوم من العام الماضي وصلت نسبة التوزيع لـ 50% من مخصصات المازوت، ونحن جاهزون لتوزيع أي كميات تصلنا، وفي كثير من الأحيان نأخذ كميات من مخصصات القطاع العام والقطاع الصناعي لزيادة نسبة مازوت التدفئة للمواطن، للتخفيف من معاناة المواطنين.

حلب بين الوعود والانتظار

ومن حلب كتب الزميلان جهاد اصطيف وحسن العجيلي تحقيقاً آخر لصحيفة الثورة أيضاً تحت عنوان ( بين الوعود والانتظار.. المواطن في حلب يترقب الحصول على حصته من مازوت التدفئة وآلية توزيع باردة كطقس الشتاء ) ونشر بتاريخ 24 كانون الأول 2020م قالا فيه :

كان من المتوقع أن ترى أزمة المازوت انفراجاً ولو جزئياً خلال الفترة الماضية حسب تصريحات المعنيين في أكثر من مناسبة، والمقصود هنا تأمين المادة للمواطنين قبل حلول فصل الشتاء، والسؤال المطروح :هل حل أزمة المازوت يكون من خلال تأمين مخصصات إضافية..؟

كثرة الطباخين:

ففي حلب انخفضت الكمية إلى ١٠٠ ليتر في الوقت الذي لم يفلح فرع محروقات حلب بتأمين مادة المازوت لأغلب المواطنين، رغم الوعود المتكررة التي أطلقت على مدار الأشهر القليلة الماضية، ما يؤكد فشل المهمة والدليل أن نسبة توزيع المادة على الأهالي ضئيلة بحسب ما تم سبره من مخاتير الأحياء، ولكي نضع الأشياء في نصابها لا بد من أن نعترف أن الحكومة تحاول جاهدة تأمين المادة ولكن بقيت الأزمة تدور في حلقة مفرغة، ولأن الشيء بالشيء يذكر لا بد من الإقرار أن المخاتير ولجان الأحياء أو المجالس المحلية أو الجهات المشرفة أو حتى الرقابية أو أي جهة أخرى لم نعد ندري ما هي، تدخلت أو تتدخل في طبخة توزيع المادة لم تسهم في حل هذه المعضلة، ولكي لا ينطبق علينا المثل القائل (كثرة الطباخين تحرق الطبخة) ينبغي على جميع الجهات التي ذكرناها سابقاً أن تجد حلاً نافعاً قبل فوات الأوان .

التوزيع حسب الأولويات:

لا شك أن الأولوية الأساسية في الفترة الحالية أو السابقة كما يقول المعنيون هي توزيع المازوت للأفران والمشافي والمدارس والنقل والنظافة والاتصالات وغيرها، وقد تزامن ذلك مع النقص الحاصل في كميات المازوت الموردة إلى حلب، إلا أن الأهالي في حلب يقولون: إن الحلم الوحيد لأي أسرة في حلب تأمين كمية المازوت المقررة رغم اختصارها للنصف وإيجاد طريقة ناجعة للاستعجال بتوزيعها لكل مستحق بأسرع وقت ممكن!

واستعرض الزميلان مع بعض الأخوة المواطنين كيف يتدبّر الناس أمرهم عبر الحطب أحياناً، واستثمار ساعات وصول التيار الكهربائي الشحيحة لتشغيل المدافئ الكهربائية، بالإضافة إلى اللجوء إلى السوق السوداء حيث يتوفر المازوت بأسعار مضاعفة.

كما عرض الزميلان اصطيف والعجيلي آراء عدد من مخاتير أحياء حلب والبالغة / 117 / حياً وجميع المخاتير المُلتقى معهم بيّنوا أن هناك نقصاً كبيراً في الكميات، وأشاروا بأن الكميات الأكبر الموزعة كانت لأسر الشهداء والجرحى، وقد أبدى المخاتير عدم ارتياحهم من هذه التوزيعات الضئيلة.

توزيع الأحياء على محطات الوقود :

عضو المكتب التنفيذي المختص في محافظة حلب سمير جعفر، بيّن في ذاك التحقيق الصحفي أن توزيع المازوت يكون حسب الأولويات للقطاعات المختلفة، وفيما يتعلق بالمازوت المنزلي اكتفى بالحديث عن توزيع الأحياء على محطات الوقود في المحافظة، حيث تتوزع أحياء المدينة الـ /117/ على /24/ محطة وقود، مضيفاً بأن تفاصيل الكميات الواردة ونسب توزيع المازوت المنزلي بما فيها تحديد الأحياء التي سيتم التوزيع فيها كل يوم هو من اختصاص مديرية فرع محروقات بحلب.

محروقات حلب لا تجيب:

ما أشار إليه عضو المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة قام الزميلان ( اصطيف والعجيلي ) بتحويله إلى مديرية فرع محروقات حلب الذي لم يجب مديرها على اتصالاتهما المتكررة سواء على هاتف المكتب أو أرقام الجوال الخاصة به، فتم إرسال الاستفسارات عن طريق الفاكس ولكن لم تتم الإجابة وتكررت الاتصالات للحصول على رد رسمي لكن دون جدوى وحتى لحظة إعداد هذه المادة الصحفية.

بالانتظار:

وختم الزميلان بالإشارة إلى ظهور ضبوط تلاعب بتوزيع المازوت، وقالا : أمام كل هذه الوقائع يبقى الانتظار هو السائد لدى المواطنين في حلب ليحصلوا على مخصصات مازوت التدفئة التي تعينهم على برد الشتاء بسرعة ودون تلاعب في ظل غياب أجوبة واضحة وصريحة من المعنيين في حلب.

إن أسوأ ما أورده الزميلان اصطيف والعجيلي هو ذلك الموقف السلبي المتملّص لمدير محروقات حلب الذي كان من واجبه المبادرة هو من نفسه لتوضيح ما يحصل للناس، ولاسيما مع هذا الفشل المعيب في التوزيع، ومع هذا الطغيان للسوق السوداء، ولكن هذه الضبابية منه ومن غيره وهذه المعاناة المتجددة يومياً هي التي تساهم في شحن الناس سلبياً وهي التي تشوّه وتسوّد وجوه وصفحات المسؤولين في عيون مواطنيهم.    

نشحتونا ألله لا يوفقكم

ومع هذه الإرباكات والتناقضات ومظاهر التهرب من المسؤولية وصل صدانا إلى أصقاع مختلفة من العالم، ففي تحقيق إخباري لها تحت عنوان ( قلة وقود التدفئة والبرد الشديد يزيد من معاناة السوريين ) .. قالت وكالة شينخوا الصينية :

مع اشتداد موجة البرد التي تضرب البلاد هذه الأيام من فصل الشتاء الباردة، ومع تأخر توزيع مادة مازوت التدفئة من قبل الحكومة السورية على الأسر، يحاول المواطنون التغلب على الوضع المأساوي الذي يعيشونه من خلال البحث عن بدائل تجعله يشعر ولو بدفء بسيط في ظل هذه الظروف الصعبة.

فهذه الأوضاع المأساوية الصعبة التي تمر بها غالبية الاسر السورية حاليا، تزيد من معاناتهم، وتحملهم أعباء إضافية لا يقوى الكثير منهم على حملها، فالبرد القارص يجعلهم يستغنون عن الطعام والملبس لتأمين مادة مازوت التدفئة لأطفالهم، وبعض المسنين الذين لا يتحملون شدة البرد.

وكما هو معروف فإن الشتاء في غالبية المناطق السورية بارد، ويأتي فيه رياح عاتية وتنخفض فيه درجات الحرارة في بعض المناطق لما دون الصفر، لهذا فالكل يعمل على تأمين الوقود في الصيف، لكن نقص المادة وغلاء أسعارها في السوق السوداء، جعلهم بلا مازوت حتى هذا الوقت، وهم ينتظرون المئة ليتر التي توزعها الحكومة عليهم لتكون بارقة أمل ولو لحين من الزمن.

وقامت الحكومة السورية في شهر أكتوبر الماضي، بتخفيض كمية مادة مازوت التدفئة للسوريين من 200 ليتر إلى 100 ليتر للأسرة الواحدة بسبب النقص الحاصل في مادة مازوت التدفئة بسبب العقوبات الاقتصادية ومنع دخول المادة إلى الأسواق السورية، والاعتماد على حلفاء سوريا في تأمين المادة.

حتى ان نسبة توزيع مادة المازوت على الاسر السورية لا تتجاوز الـ 50 بالمئة بحسب احصائيات رسمية، أي ان هناك النصف من الاسر لم يحصلوا على الكمية المخصصة لهم لحد الان.

الكثير من الاسر السورية – حسب وكالة شينخوا – تعيش نفس الظروف المأساوية، فساعات الكهرباء قليلة، ومازوت التدفئة قليل ، والوضع المادي سيء للغالبية ، فهذا الامر شكل تحديا جديدا للأسر ، وفاقم من شدة المشهد المأساوي.

أخيراً

في حقيقة الأمر فإن الأوضاع التي يعاني منها الناس جراء النقص وعشوائية التوزيع وعدم القدرة على ضبطه بشكلٍ صحيح هي أوضاع تسري في جميع المحافظات، في دمشق وريفها وفي حماه واللاذقية وطرطوس وفي المحافظات الشرقية والجنوبية، فلكل محافظة حكاياتها، ولا حل – كما نرى في السلطة الرابعة – سوى بالشعور بالمسؤولية الذي يبدو مفقوداً حتى الآن..! لاسيما وأن الحل ممكن بحدوده الدنيا من خلال تناسب ما هو متوفر مع حجم الطلب على المادة ولكن شريطة التعامل بشكلٍ عادل، غير أن التعامل العادل ليس من مصلحة الفاسدين، لأن الأزمات هي مرابعهم الخصبة ، وعلى الرغم من أن الأزمة تتعب الفاسدين ربما أكثر مما تُتعب الناس الذين يعانون منها .. ولكن الفاسد يصبر ويتحمّل ويزيد من الأزمة اختناقاً لأنها مهما أتعبته فسوف يكون مردودها المادي عليه كبيراً، وطبعا هو غير مهتم مهما كان هذا المردود قذراً .. أما المواطنين فيا لبؤسهم .. يتحملون ويصبرون ولكن بلا طائل .