جديد 4E

غربال أوروبا.. وضوء الحق السوري

احمد حمادة

من يرد أن يدرك مدى أهمية سلاح الإعلام في الحرب والسلم فما عليه إلا أن يعرف كم تنفق الولايات المتحدة الأميركية على هذا السلاح الفتاك، فهي تنفق سنوياً مئات المليارات من الدولارات على إمبراطورياتها الإعلامية الكبرى كي تلفق، وتزوّر، وتنافق، وتكذب، وتضلل العالم، وتقلب الحقائق.

ومن يرد أن يعرف لماذا قررت الإدارة الأوروبية للقمر الصناعي “يوتلسات” إنزال قنوات الإعلام الرسمي السوري عن تردداتها فما عليه إلا أن يدرك أهمية الإعلام كل زمان، بل وكيف أقرّ الأميركيون منذ أمد بعيد أن سبب خسارة حربهم في فيتنام كان سوء استخدامهم للإعلام، واعترافهم أنه لا يمكنهم أن يكسبوا أي حرب عسكرية في المستقبل دون أن يخوضوا حرباً إعلامية تسبقها كما يؤكد مختلف باحثيهم ودارسيهم.

ومن يرد أن يعرف مغزى قرار”يوتلسات” فليعد إلى الخلف قليلاً ليكتشف كم أنفق الأوروبيون والأميركيون كي يصوروا عهرهم السياسي وفجورهم ونفاقهم بالحرص على حقوق الإنسان في سورية، وكم فبركوا من الصور المزيفة وقاموا بتضخيمها وإعطائها جرعات مخادعة من “المصداقية المزيفة” ليظهروا بصورة المنقذ والإنسان.

فكم جندوا أذكى خبراء الإعلام وعلم الاجتماع وعلم النفس لتصميم صور مؤثرة على المتلقي، وكم حاولوا تغيير مضمونها وأضافوا عناصر إليها وحذفوا أخرى لكنهم فضحوا، نشروا صوراً لأطفال سوريين جرحى وصوروهم بأنهم ضحايا قصف مزعوم من قبل الجيش العربي السوري وإذ بالصور تكشف عن نفسها وتؤكد بالتاريخ والوثائق أنها صور لأطفال جرحوا أو قتلوا على يد داعش أو النصرة أو القاعدة أو قسد.

وبالمقابل لم يدركوا أن حبال كذبهم كانت قصيرة جداً، وأن إعلامنا الوطني استطاع بحرفية عالية مواجهتهم وكشف ألاعيبهم وتمكن بمهنية عالية من فضح صورهم من خلال بحثه وتقصيه عن أصولها في شبكات التواصل الاجتماعي وإخراجها للعلن، ليقول للعالم هذا هو الغرب المزيف، وهذه أدواته وماكينته الإعلامية التخريبية المضللة، وواجههم بكل الصور التي تفضح إرهابهم وتسلط الضوء على جرائم تنظيماتهم كداعش والنصرة وغيرهما.

لا بل إن قرار “يوتلسات” المنافي لكل القوانين الناظمة لعمل الإعلام في العالم يؤشر إلى جانب آخر لا يقل أهمية عما ذكرنا، ويتلخص بتناقضه مع ادعاءات الحرية الإعلامية التي تتشدق بها أوروبا ويتغنى بها الغرب الاستعماري ليل نهار، وبالتالي فهو يفضح طبيعة الغرب الذي يتغنى بالشعارات المزيفة ويطبق كل ما ينسفها على أرض الواقع.

تقرر “يوتلسات” ما تشاء، وتتخذ أوروبا ما يحلو لها من إجراءات عقابية ظالمة وجائرة ومنافية للقانون الدولي لكن الإعلاميين السوريين سيواصلون مهمتهم بحرفية عالية وهم يواجهون أعداء شعبهم ويكشفون زيفهم وتضليلهم وألاعيبهم مهما كلفهم الثمن.

صحيفة الثورة – زاوية ( البقعة الساخنة ) *مدير تحرير الشؤون السياسية