جديد 4E

إقرار الحد الأدنى لقيمة الصلح أو التسوية الواجبة العرض على مجلس الدولة من الجهات العامة بخمسين مليون ليرة

السلطة الرابعة – علي محمود جديد

بين وقتٍ وآخر تنشب منازعات بين الدولة وبعض الأفراد حول قضايا مختلفة، فيلجأ الطرفان إلى إجراء مصالحات وتسويات قانونية لحل النزاع على نحوٍ عادل، فالصلح هو بالأساس عقد ينهي بموجبه عاقداه نزاعاً قائماً أو حتى محتملا عن طريق تقديم التنازلات المتبادلة.

وبالعموم فإن حل الخلاف، أو تسوية النزاع، هو عملية حل خلافات أو نزاعات ليس فقط بالمفهوم العام بين الدولة والأفراد، وإنما بين أطراف مختلفة، كالنزاع بين المواطنين أنفسهم، و بين المواطنين والحكومة وبين الحكومات المختلفة.

وتوفر النظم القانونية حلولاً لعديد من أنواع النزاعات المختلفة، هناك بعض المتنازعين لا يتوصلون إلى اتفاق من خلال عملية تعاونية. فبعض المنازعات تحتاج لسلطة قسرية، مثل الدولة، لفرض الحل. الأهم من ذلك، كثير من الناس تتجه نحو المساعدة من قانونيين مهنيين ليأخذوا القرارات المناسبة خاصة إذا كان النزاع ينطوي على أمور قانونية أو حقوقية مثل حالات المخالفات القانونية، أو التهديد باتخاذ إجراءات قانونية ضدهم.

والمعروف أن أكثر أشكال حل النزعات القانونية شيوعا هو التقاضي. حيث تبدأ عملية التقاضي عندما يقوم طرف ما بدعوى ضد آخر. وتكون الإجراءات بطبيعة الحال رسمية جدا وتحكمها قواعد مثل قواعد الإثبات والإجراءات التي يضعها القانون. يتم أخذ القرار النهائي من قبل قاضي نزيه أو هيئة من المحلفين، على أساس الوقائع والإجابة عن الأسئلة حول القضية وتطبيق القانون. حكم المحكمة يكون ملزما وليس استشارياً.

القانون السوري راعى حالات النزاع المحتملة بين الدولة والأفراد – وهذا موضوع حديثنا في هذا التقرير – وأناط بمجلس الدولة، أو القضاء الإداري مهمة التصدي لمثل هذه المنازعات، وإطلاق الأحكام الخاصة بالصلح والتسويات التي يمكننا القول بأنها كبيرة الحجم، فقانون مجلس الدولة السوري رقم / 32 /  لعام 2019 لم يُجز لأي من الوزارات أو الجهات العامة – حسب الفقرة 2 من المادة 71 أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي صلح أو تسوية بغير استفتاء الإدارة المختصة في مجلس الدولة وذلك في الحدود التي يقررها مجلس الوزراء.

حدود التسويات

هذه الناحية هي التي دفعتنا للحديث عما نتحدث عنه، إذ أقرّت رئاسة مجلس الوزراء بقرارها رقم ( 73 / م . و ) تاريخ 8 / 11 / 2020م  أن الحد الأدنى لقيمة الصلح أو التسوية التي تجريها الجهات العامة ، والتي يجب عرضها على الإدارة المختصة في مجلس الدولة، هو مبلغ / 50 / مليون ليرة سورية، وذلك طبقاً للفقرة 2 من المادة 71 من قانون مجلس الدولة.

اختصاصات مجلس الدولة

وبالمناسبة فإن مجلس الدولة في سورية وبموجب القانون 32 لعام 2019 يختص بهيئة قضاء إداري بالفصل في المسائل الآتية:

أ- الطعون المتعلقة بانتخابات مجالس الإدارة المحلية.

ب- الطعون في القرارات النهائية الصادرة عن الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم بما فيها رسم الانفاق الاستهلاكي والتكاليف العامة.

ج- الطعون التي يقدمها الموظفون العموميون في سائر الجهات العامة بالقرارات الصادرة عن السلطات التأديبية.

د- المنازعات المتعلقة بالرواتب والمعاشات والمكافآت والعلاوات وتعويضات الموظفين العموميين ومن في حكمهم في سائر الجهات العامة في الدولة.

ه- المنازعات المتعلقة بالرواتب والمعاشات والتعويضات المستحقة لأصحاب المناصب وأعضاء مجلس الشعب.

و- المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة بالإضافة إلى جميع أنظمة التوظيف والاستخدام المعمول بها في الجهات العامة الأخرى بما في ذلك الخلافات المالية الناجمة عن الأجور والتعويضات للعاملين ومن في حكمهم وسائر المنازعات التي تنشأ بينهم وبين أي من الجهات العامة.

ز- الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.

ح- الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو بالترقية.

ط- الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية الصادرة بإحالتهم على المعاش أو الاستيداع أو فصلهم عن غير الطريق التأديبي.

ي- دعاوى الجنسية.

ك- محاكمة الموظفين العموميين والعاملين ومن في حكمهم في سائر الجهات العامة من الناحية المسلكية وفقا لأحكام هذا القانون. ( 32 لعام 2019 )

ل- سائر المنازعات الإدارية والمنازعات التي تنص القوانين الأخرى على اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري في النظر فيها.

واشترط القانون في الطلبات المنصوص عليها في البنود “ج -ز-ح-ط-ي” أن يكون مرجع الطعن عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل والإجراءات أو مخالفة القوانين أو الأنظمة أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة.

ويعد في حكم القرارات الإدارية رفض السلطات الإدارية أو امتناعها عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه وفقا للقوانين والأنظمة.

كما ويختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات المنصوص عليها سابقاً سواء رفعت إليه بصورة أصلية أم تبعية.

ويختص أيضاً بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات الخاصة بعقود الالتزام والأشغال العامة والتوريد أو بأي عقد إداري آخر وكذلك العقود التي تبرمها النقابات المهنية والمنظمات الشعبية إذا كانت تلك العقود مبرمة وفقا لأحكام انظمة عقود الجهات العامة.

وأجاز القانون / 32 / اللجوء إلى التحكيم في العقود التي يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات الناشئة عنها.

وكذلك يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في الطعون بالقرارات النهائية الصادرة عن جهات إدارية لها اختصاص قضائي متى كان مرجع الطعن بها عدم الاختصاص أو وجود عيب في الشكل والإجراء أو مخالفة القوانين أو الأنظمة أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة وذلك في الأحوال التي لا يكون هناك مرجع قضائي آخر محدد بنص خاص للطعن في قرارات هذه الجهات.

أخيراً

القضاء الإداري في الحقيقة يمثل حالة حضارية في المجتمع فهو الملاذ الحقيقي للأفراد في حال تعرضهم للغبن والظلم من قبل الجهات الحكومية، كما أنه يناصر هذه الجهات عندما تكون على حق.

( سيريا ستيبس )