جديد 4E

صحف إسرائيلية تفضح زيارة سرية لنتنياهو إلى السعودية التائهة بين الحب والدعارة

السلطة الرابعة – علي محمود جديد

ثمة حالة من الارتعاش تحصل في الأجواء العربية، ارتعاش نراهن على وقوعه قوياً في أعماق الضمائر التي يصرّ أصحابها على تنويمها والسير بعكس ما تلهج به، وهنا مكمن الارتعاش .

نتحدث هنا عن الوقائع العميقة الخفيّة، لا عن تلك التي تظهر على الأرض بدليل حالة الإرباك السعودي اليوم، الناجم عن انفضاح سر زيارة رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتبياهو إلى السعودية التي راحت تنفي هذه الزيارة، في حين راح العدوّ شيئاً فشيئاً يُصعّد من تأكيداته أن الزيارة السرية قد حصلت فعلاً، حيث التقى الأحبّة تحت جناح الليل.

هذا الارباك ينمُّ بقوة عن ذلك الارتعاش، الذي يعيش مرحلة الاحتضان والترويض حالياً، والتي لن تطول على الأرجح، لأن هذا الارباك بحد ذاته يمكن أن يُشكّل خطوة وإن على وجل باتجاه هندسة علنية غير مباشرة للتقدم قليلاً، والانتقال من الإرباك إلى حالة الدلال، دلال الحبيبة على حبيبها، فلماذا لا تتدلّل السعودية، وقد طار نتنياهو فرحاً وجوّاً وليلاً وسراً ..؟!

غير أن حالة الدلال، وحتى تجاوزها وصولاً إلى ( الفرحة الكبرى ) عند إعلان التطبيع نهائياً، لن توقف حالة الارتعاش العميق على الأرجح عند المطبعين، ولكنه ليس ارتعاشاً ناجماً هنا عن نشوى الاتصال، ولا عن الخوف من الماضي الأسود ( لحبيب القلب ) عندما اغتصب الأرض وشرد شعب فلسطين الشقيق، وارتكب المذابح والفظائع بحقه، والارتعاش أيضاً لن يكون ناجماً عن سنوات الحاضر المعاصرة التي مارس فيها ( حبيب القلب ) مواهبه ونشاطه المليء بالجرائم والعدوان على سورية وعلى لبنان وعلى مصر والأردن وعلى العراق وعلى فلسطين كلها وخاصة القدس وغزة، ولكن الارتعاش سيكون – على الأرجح – من المستقبل ومن قادم الأيام والسنين، ومن التاريخ الآتي الذي سيدوّن هذه الخيانات على أوراق سفره الأسود.

هم يدركون جيداً أن هذا العشق الحرام ينافي مختلف القيم والفضائل الإنسانية، غير أن الوله الشديد بالمحبوب، لا يدع أي متّسعٍ للتفكير والركون إلى العقل، إنه نشاز الهوى والغرام القافز فوق الوقائع التي ارتوت الأرض فيها بدماء الأبرياء.

أيها المُطبّعون: مهما بلغت مشاعر الهوى والغرام في قلوبكم عليكم أن تدركوا أنّ الفرق كبير جداً بين الحب والدّعارة.

الحكاية على الأصول

أما الحكاية على أصولها فهي أنّ وسائل إعلام إسرائيلية كشفت عن زيارة سرية قام بها أمس الأحد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السعودية اجتمع خلالها مع ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان في مدينة نيوم بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو.

وقالت وكالة سانا بأن صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية ذكرت على موقعها الإلكتروني اليوم أن طائرة خاصة ذات تسجيل أجنبي لسان مارينو أقلعت في الثامنة مساء من مطار بن غوريون تقل نتنياهو ورئيس الموساد يوسي كوهين في رحلة مباشرة إلى مدينة نيوم السعودية الساحلية، حيث التقيا ابن سلمان بحضور بومبيو وعادت عند منتصف الليلة الماضية بعد رحلة استغرقت نحو خمس ساعات.

وأوضحت الصحيفة أنه سبق وأن استخدم نتنياهو الطائرة في السابق في إشارة لزيارة مماثلة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السعودية في تشرين الأول من العام الماضي.

من جهته ذكر موقع (آي 24 نيوز) الإسرائيلي أيضاً أن مصدراً سعودياً أكد له صحة نبأ الزيارة كاشفاً أنه في الوقت الذي كان فيه نتنياهو مسافراً إلى السعودية كان من المقرر عقد اجتماع لحكومة الاحتلال مساء غير أن الاجتماع تأجل إلى اليوم ما يؤكد أن التأجيل كان بسبب رحلة نتنياهو إلى السعودية.

سانا قالت : زيارة نتنياهو للسعودية ولقاؤه ابن سلمان أكدهما الوزير الإسرائيلي يوآف غالانت بحسب وكالة رويترز وجاءا بعد يوم من تأكيد وزير خارجية النظام السعودي فيصل بن فرحان في مقابلة مع رويترز أن السعودية تؤيد التطبيع الكامل مع (إسرائيل) “لكن ينبغي أولا إقرار اتفاق سلام دائم وكامل يضمن للفلسطينيين دولتهم بكرامة” حسب قوله.

وكان ولي عهد النظام السعودي اعتبر في مقابلة صحفية خلال زيارته واشنطن في آذار 2018 أن لـ (إسرائيل) الحق في الوجود وإقامة دولة وهو ما يثبت تلاقي أهداف ومصالح نظامه مع الغرب والكيان الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية.

فرحان ينفي لقاء الأحبة

من جهتها محطة BBC البريطانية ذكرت أنّ وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، نفى ما ذكرته تقارير إعلامية إسرائيلية عن اجتماع ضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في السعودية.. فالخجل ما يزال مستمراً على ما يبدو.

وقالت BBC إن الأمير فيصل بن فرحان غرّد على موقع تويتر قائلا: “طالعت تقارير صحفية عن اجتماع مزعوم بين ولي العهد ومسؤولين إسرائيليين أثناء الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. لم يحدث اجتماع كهذا. المسؤولون الحاضرون كانوا أمريكيين وسعوديين وفقط”.

كان وزير التعليم في حكومة نتنياهو، يوآف غالانت، قد أكد ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية عن اجتماع عقده رئيس الوزراء الإسرائيلي في السعودية، واصفا الخطوة بأنها “إنجاز مدهش”.

وقال غالانت، لإذاعة الجيش الإسرائيلي: “الحقيقة المؤكدة هي أن الاجتماع انعقد، وهذا أمر بالغ الأهمية، حتى لو لم يُعلن عنه رسميا بشكل كامل حتى الآن”.

وأفادت هيئة البث وإذاعة الجيش في إسرائيل اليوم الاثنين، أن نتنياهو التقى في السعودية كلا من ولي العهد محمد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أثناء زيارة للمملكة.

ونقلت إذاعة البث الإسرائيلية عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم القول إن نتنياهو ومدير وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) يوسي كوهين سافرا جواً إلى السعودية يوم أمس الأحد، والتقيا كلا من محمد بن سلمان وبومبيو في مدينة نيوم.

ولكنها “زيارة مثمرة”

ونشر الحساب الرسمي للخارجية الأمريكية على موقع تويتر منشورا وصف لقاء وزير الخارجية الأمريكي وولي العهد السعودي في نيوم بأنه كان مثمرا.

وجاء في تغريدة الخارجية الأمريكية صباح الاثنين: “زيارة مثمرة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في نيوم اليوم. قطعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية شوطًا طويلاً منذ أن قام الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت والملك عبد العزيز آل سعود بوضع حجر الأساس لعلاقاتنا لأول مرة قبل 75 عامًا”.

ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بيانات تتعلق بتتبع حركة الملاحة الجوية تشير إلى أن طائرة رجال أعمال كانت تقل نتنياهو انطلقت في رحلة من تل أبيب إلى منطقة نيوم شمال غربي السعودية على ساحل البحر الأحمر، حيث كان مقرراً أن يجتمع محمد بن سلمان وبومبيو يوم أمس الأحد.

“حزن” فلسطيني

وفي جلسة حكومية، اليوم الاثنين، أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية عن “حزنه” إزاء الأنباء التي تتحدث عن قيام دول عربية بمباحثات حول فتح سفارات لها في إسرائيل.

وأكد أشتية – حسب BBC – رفض محاولة البعض تصوير التطبيع مع دول عربية على أنه “بديل للسلام مع الفلسطينيين”، واصفا ذلك بأنه “هروب من الحقيقة”.

قطار التطبيع

ويحاول بومبيو إقناع السعوديين أن يسلكوا الطريق الذي سلكته دول عربية مؤخرا، وهي الإمارات والبحرين والسودان، وأن يدشنوا علاقات رسمية مع إسرائيل.

وأبرمت إسرائيل اتفاقين للتطبيع مع الإمارات والبحرين، وبعدها بأسابيع أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موافقة السودان على التطبيع مع إسرائيل، بالتزامن مع الإعلان عن رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.

أجل .. هذا هو الصراط المستقيم لرعاية الإرهاب من عدمه .. التطبيع مع إسرائيل، فإن طبّعت فأنت مُسالم إلى حدود المخمليّة، وإن لم تُطبّع فأنت من رعاة الإرهاب على سنٍّ ورمح .. وعلى رؤوس الأشهاد، وأعلى ما بخيلنا فلنركبه .. !

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد ذلك الإعلان – حسب ما نقلته  BBC البريطانية – إن “اتفاقيات التطبيع الثلاث مع الدول العربية أنهت العزلة الجغرافية لإسرائيل بتوفير رحلات جوية أقصر وأرخص ثمنا”.

وأضاف نتنياهو في مؤتمر صحفي: “نحن نغير خريطة الشرق الأوسط”، مشيرا إلى لوح أبيض عليه رسوم بيانية لممرات الطيران.

وقال نتنياهو حينها: “سيكون هناك المزيد من الدول”.

وبعد توقيع اتفاقات التطبيع مع الإمارات والبحرين، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تكهنات بقرب لحاق المملكة العربية السعودية بقطار التطبيع.

وكان ذلك إثر بث حلقات من مقابلة في قناة العربية التلفزيونية مع رئيس الاستخبارات السعودية السابق وسفير السعودية في واشنطن لفترة طويلة، الأمير بندر بن سلطان آل سعود، والتي حمل فيها بشدة على القادة الفلسطينيين لانتقادهم تحركات دول الخليج الأخيرة للسلام مع إسرائيل.

وقال الأمير بندر – حسب bbc  – في المقابلة التي بُثت في ثلاثة أجزاء “هذا المستوى الهابط من الخطاب ليس ما نتوقعه من مسؤولين يسعون للحصول على دعم دولي لقضيتهم”.

وأضاف “إن تجاوزهم (القادة الفلسطينيين) على قادة دول الخليج بخطاب مُستهجن هو أمر غير مقبول كليا”.

وكان القادة الفلسطينيون قد وصفوا في البداية تطبيع دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين العلاقات مع إسرائيل بأنه “خيانة” و “طعنة في الظهر”.