ومازالت محافظة الحسكة تعتمد على إنتاج مناطق خارجها من الفروج والبيض .. !
منذ القديم إنتاج الحسكة يذهب إلى مناطق أخرى ولا يبقى لها إلا المخلفات والروائح والأمراض .. فإلى متى؟!
إلى أين يذهب إنتاج المحافظة من الفروج البالغ 6 ملايين و83 ألف و333 طير سنوياً؟
نقل الأعلاف الجاهزة والصيصان من المحافظات الأخرى يتم وسط استغلال واضح من قبل التجار والسماسرة
غياب رؤوس الأموال الكافية لدى أصحاب المداجن .. وتعرض العديد منها للسطو والتخريب من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة
ارتفاع أسعار الأدوية والأعلاف وعدم توافر حوامل الطاقة والظروف الأمنية السائدة صعوبات تواجه قطاع الدواجن في المحافظة
تأمين مستلزمات الإنتاج وإنشاء مفقس ومنح قروض تشجيعـية إجراءات لابد منها لإنعاش قطاع الدواجن في الحسكة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلطة الرابعة ــ خليل اقطيني:
كان الخبر المتعلق باتخاذ مجلس الوزراء إجراءات لمعالجة الصعوبات التي تعترض قطاع الدواجن هو الشرارة التي قدحت فكرة هذه المادة. فاتصلنا برئيس دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية الزراعة في الحسكة الدكتور المهندس أحمد القاسم للاستفسار عن وضع قطاع الدواجن في المحافظة.
فكانت المفاجأة من العيار الثقيل تلك التي فجـّـرها على مسامعنا الدكتور القاسم عندما أخبرنا أن محافظة الحسكة تضم 358 مزرعة دواجن منها 126 مزرعة مرخصة لتربية وتسمين الفروج، و4 مزارع لتربية الدجاج البياض، ومزرعتان لتربية وتسمين النعام واحدة في القحطانية والثانية في عامودا، ومزرعة لتربية طيور الحبش في رأس العين، بطاقة انتاجية لكل مزرعة بين 4 آلاف و10 آلاف طير في الدورة. ومنها أيضاً 221 مزرعة لتربية وتسمين الفروج، و4 مزارع لتربية الدجاج البياض غير مرخصة.
وأكد الدكتور القاسم أن عدد المزارع العاملة يبلغ نحو 30% من هذه المزارع أي بحدود 107 مزارع حسب المعلومات المتوافرة، وذلك بسبب الظروف الأمنية التي تمر بها المحافظة، حيث تعرض قسم منها للنهب والسطو والسلب والتخريب من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة.
لا تأكل مما تنتج
ويعود سبب المفاجأة التي تعرضنا لها إلى اعتقادنا بعدم وجود أي مزرعة دواجن في المحافظة، وإن وجد فهناك عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة منها مزرعة حكومية واحدة. وذلك لأن ما كنا نعرفه من خلال ما نسمعه من المسؤولين وحتى من بعض تجار الفروج أن محافظة الحسكة تعتمد على ما يصلها من إنتاج المحافظات الداخلية من الفروج كونها محافظة غير منتجة لهذه المادة. وهذا الاعتقاد ليس وليد الساعة وإنما يعود إلى سنوات طويلة، وقد ترسـّـخ في أذهاننا وأذهان سكان المحافظة لأنهم لم يكونوا يرون إنتاج المنشآت الإنتاجية الموجودة فيها في أسواق المحافظة، وإنما كان يذهب إلى المحافظات الأخرى إما ليباع هناك وإما ليصنـّـع إلى منتجات أخرى ثم يعود إليهم. كما كان يحصل مع إنتاج المنشأة العامة للدواجن من الفروج والبيض وإنتاج مجمع المباقر من الحليب واللحم. الأمر الذي دفعنا لنشر تحقيق صحفي مطول عن هذا الموضوع في صفحة التحقيقات في صحيفة تشرين الحكومية يوم الثلاثاء الموافق 15 كانون الأول 2009 تحت عنوان لماذا لا تأكل الحسكة مما تنتج. بـيـنـّا فيه أن منشأة الدواجن ومجمع المباقر ينتجان 900 طن من اللحم و2500 طن من الحليب لا يحصل سكان المحافظة على غرام واحد منها،
فحليب المجمع يباع في حماه وفروج منشأة الدواجن لم ينزل إلى أسواق المحافظة منذ 20 عاماً عند نشر التحقيق الصحفي. وتساءلنا ما الذي يمنع أن يتم بيع منتجات مجمع المباقر ومنشأة الدواجن – كلاً أو جزءاً- داخل المحافظة لا خارجها؟ ولماذا يذهب لحم البقر والحليب والفروج المنتج من منشآت داخل محافظة الحسكة إلى المحافظات الأخرى، ولا يبقى لأبناء المحافظة مع احترامنا وتقديرنا لهم جميعاً إلا المخلفات والروائح الكريهة التي تزكم الأنوف وتدفع للإقياء وتتسبب بالأمراض والأوبئة؟. طبعاً المنشأة العامة للدواجن ومجمع المباقر أصبحا حالياً تحت سيطرة المجموعات المسلحة التي نهبت كل محتوياتهما من الدواجن والأبقار والعجول والمعدات والمستلزمات.
أين يذهب انتاج المحافظة من الفروج؟
وبالعودة إلى الدكتور القاسم الذي قال لنا إن اعتماد المحافظة على إنتاج المحافظات الداخلية من الفروج يعود إلى أن إنتاج مزارع الدواجن الموجودة في المحافظة لا يكفي حاجة السكان. فإنتاج كل مزرعة يتراوح بين 4 آلاف و10 آلاف طير في الدورة الإنتاجية. فإذا اعتبرنا إنتاج كل مزرعة دواجن يبلغ بشكل وسطي 7 آلاف طير يصبح المجموع الكلي لإنتاج الفروج في المحافظة نحو 750 ألف طير أي ثلاثة أرباع المليون طير في الدورة الإنتاجية التي تستغرق 45 يوماً فقط، ليصبح إنتاج المحافظة من الفروج 6 ملايين و83 ألف و333 طير في السنة الواحدة من خلال مزارع الدواجن العاملة فقط. فهل من المعقول أن كل هذا الإنتاج من الفروج لا يكفي حاجة سكان المحافظة البالغ عددهم نحو مليوني نسمة؟ .
نطرح هذا السؤال لأن شكوكاً بدأت بالظهور لدينا عن الأماكن والأسواق التي يذهب إليها هذا الإنتاج كلاً أو جزءاً، والحقيقة أننا نشك أن إنتاج المحافظة من الفروج يأخذ طريقه إلى التهريب إلى الدول المجاورة طمعاً بفارق السعر من جهة، واستغلالاً من قبل ضعاف النفوس من تجار الأزمة لحالة الفوضى السائدة على الحدود من قبل المجموعات المسلحة من جهة ثانية. ولولا ذلك لكان الفروج يباع بأسعار أقل مما يباع به الآن في أسواق المحافظة، لأن تجارة الفروج في هذه الحالة ستستغني عن أجور الشحن أولاً و(الأتاوات) التي تـُدفـَع على الطرق التي تربط محافظة الحسكة بالمحافظات الداخلية ثانياً، والتي تضاف حكماً على سعر الكيلو الواحد من الفروج فيرتفع هذا السعر تلقائياً إلى ما لا طاقة للمواطن على دفعه.
صعوبات تواجه قطاع الدواجن
وأشار الدكتور القاسم إلى أن معظم مزارع الدواجن المرخصة موجودة شمال المحافظة في مناطق الدرباسية ورأس العين والقامشلي، في حين توجد المزارع غير المرخصة في المنطقة الجنوبية من المحافظة ومبنية على أراضي أملاك الدولة. وكان سوق الدواجن في محافظة الحسكة منتعشاً قبل الأزمة،
لكن هذه السوق عانت ما عانته أثناء الأزمة وأصبح مصيرها مجهولاً حالياً، لعدم توافر إمكانية الإشراف المباشر على عملها، وإجراء إحصاء دقيق لها.
وثمة العديد من الصعوبات التي تواجه قطاع الدواجن في المحافظة حالياً أبرز هذه الصعوبات:
1ــ عدم توافر الأعلاف الجاهزة والصيصان في المحافظة، حيث بتم نقلها من المحافظات الأخرى وسط استغلال واضح من قبل التجار والسماسرة.
2ــ عدم توافر رؤوس الأموال الكافية لدى أصحاب المزارع.
3ــ تعرض العديد من المزارع للسطو والنهب والتخريب من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة.
4ــ ارتفاع أسعار الأدوية البيطرية والمتممات العلفية.
5ــ عدم توافر حوامل الطاقة من مازوت وكهرباء.
6ــ الظروف الأمنية السائدة في المحافظة التي أدت إلى عدم القدرة على تسويق الإنتاج من ناحية، وعدم توافر امكانية القيام بجولات دورية من قبل دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية الزراعة على مزارع الدواجن من ناحية ثانية.
إجراءات لابد منها
ويضيف الدكتور القاسم: إذا أردنا لقطاع الدواجن في محافظة الحسكة أن يتعافى، وإنتاج هذا القطاع من الفروج والبيض أن ينتعش لابد من اتخاذ العديد من الإجراءات، أبرزها:
1ــ توفير الأعلاف الجاهزة اللازمة للتربية من قبل مؤسسات الدولة وبأسعار تشجيعية، من أجل تخليص مستثمري وأصحاب المداجن من سيطرة التجار والسماسرة.
2ــ تأمين الصيصان بعمر يوم واحد لأصحاب المزارع وبسعر تشجيعي.
3ــ منح التسهيلات اللازمة لإنشاء مفقس في المحافظة.
4ــ تأمين بعض الأدوية البيطرية اللازمة للمزارع من قبل دائرة الصحة الحيوانية ومجاناً وخاصة المعقمات واللقاحات.
5ــ منح قروض تشجيعية بفائدة قليلة والأفضل بدون فائدة طويلة الأجل لأصحاب مزارع الدواجن ولكل من يريد إقامة مزرعة دواجن.
6ــ ومن الضروري جداً تأمين الكهرباء والمازوت وبسعر تشجيعي حتى يتمكن أصحاب المزارع من الاستمرار بتشغيل مداجنهم. وذلك في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء والمازوت ومجموعات التوليد الاحتياطية بشكل كبير جداً.
كان يا ما كان
يذكر أن دائرة الإنتاج الحيواني في مديرية الزراعة في الحسكة كانت تقوم بالإشراف على مزارع الدواجن في المحافظة، من خلال جولات بشكل دوري يتم فيها تقديم الإرشادات الفنية التربوية والصحية البيطرية من أجل الاستثمار الأمثل لهذه المزارع وفق قانون حماية الثروة الحيوانية. كما كانت الدائرة تقوم بتوجيه الإنذارات لأصحاب المزارع المتوقفة عن العمل وبيان أسباب التوقف عن الاستثمار وهل هناك مخالفة للأنظمة والقوانين المرعية أم لا، ويتم إلغاء الرخصة في حال تكرار المخالفة. ولمرة واحدة في السنة كان يتم منح أصحاب المداجن المرخصة حصراً الموافقات اللازمة لشراء فحم الكوك من مصفاة حمص بمعدل 4 كغ لكل طير من أجل تدفئة الصيصان في الشتاء. وذلك بعد التأكد من أن موقع المزرعة يبعد 500 م عن التجمع السكني، ووجود حراقات توربينية في المزرعة تؤمن احتراق مادة فحم الكوك احتراقاً جيداً وكاملاً لتفادي الضرر على السكان.
aqtini58@gmail.com