علي محمود جديد
العجز قوة .. ؟!! .. نعم إنه قوة رهيبة لكبح جماح القوة الفاعلة التي نعرفها ونرى آثارها، نعني بذلك أن العجز يكون أحياناً كفرامل السيارات ومكابح الطائرات التي تثبتها على أرض المطار بعد تلك السرعة الهائلة جواً وعلى الأرض.
ولذلك فإن كل حالات العجز التي نشاهدها هنا وهناك، والتي تُنتج لنا أشياء منوّعة أبرزها ( الأزمات ) بأشكالها المختلفة وألوانها المزركشة وألحانها العذبة وأصنافها العديدة .. ليست بالضرورة ناجمة عن حالات عجزٍ حقيقية، فنحن – إن لم تكونوا على علم – لدينا قوة خفيّة لتصنيع العجز، وهي ناجمة عن مواد متوفرة من إنتاجنا المحلي، وبما يفيضُ عن حاجتنا بكثرة لدرجة أننا لا نحتاج إلى أي قطع أجنبي من أجل استيرادها، ونحن نحقق فيها الاكتفاء الذاتي .. وبامتياز.
من هذه المواد الهامة المتوفرة محلياً ( عدم الاكتراث .. واللامسؤولية .. والإهمال .. وقلة الإحساس بآلام الآخرين.. وقلة المتابعة .. وحب البروظة .. وكثرة الأقوال .. وعدم الاهتمام .. وقلة الأفعال ) مواد فظيعة لدينا منها ما يكفي ويزيد لإنتاج كل احتياجاتنا من الأزمات التي يمكن أن تتوفّر بسهولة شديدة جراء القوة الهائلة الناجمة عن اتحاد هذه المواد ببعضها لتُنتج لنا تلك القوة الرهيبة ( قوة العجز ) التي لا تُجارى.
من هنا علينا أن لا نستغرب ولا نندهش من براعتنا في صناعة الأزمات، بكل هذه الجودة والاتقان وضمان الاستمرارية، إنه السرّ الكامن بالمنتج المحلي عندما نُحسن استثماره بشكل جيد، فهو يعطينا المزيد من القيم المضافة التي تكفل للأزمة الازدهار والاستمرارية.
المحافظون القابعون وراء مكاتبهم في مباني محافظاتهم – مثلاً – يثبتون لمواطنيهم باستمرار أنهم يتمسكون بإنتاج تلك المواد الأولية وبوفرة، وفي الحقيقة فإن تعاون المحافظين بهذا المجال هام جداً، لأنه يؤمّن فرصة الانتشار السرطاني ( الجميل ) الفعّال للأزمات على مساحة البلاد، ما يساهم إلى حدّ بعيد في تثبيت الأزمة وانتعاشها واستمراريتها فعلاً ، وللإنصاف لولا فضل المحافظين الكبير في هذا المجال لما كنّا رأينا هذا الانتشار الواسع والمزدهر لأزمات الخبز والمازوت والغاز والبنزين سابقاً، وما إلى ذلك.
منذ افتتاح المدارس والجامعات – كمثال توضيحي – تفاقمت أزمة السير في مختلف المحافظات، ضمن المدن، وأشدّها بين المدن والأرياف، هل خطر على بالكم لماذا تستمر هذه الأزمة وتزدهر يوماً وراء يوم ..؟! أجل .. إنه الإصرار على إنتاج تلك المواد الأولية المحلية القادرة وبكفاءة عالية أن تنتج ( قوة العجز .. أو العجز القوي ) بأعلى القيم المضافة في مختلف المحافظات لتظهر لنا الأزمة بشمولها .. وبهذه الصورة البهيّة ..!