جديد 4E

هكذا صار المستهلك يشكو زيادة أسعار الدواجن .. والمنتج من زيادة الخسائر ..!

في ضوء نتائج تقييم واقع قطاع الدواجن

مطلوب عملية وزن بدائل السياسات الراهنة للقطاع

الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة يُفنّد واقع الدواجن الذي أنهكته السياسات الحكومية المنفعلة والقاصرة

غياب للرؤيا الواقعية البعيدة المدى للثقل الاقتصادي لأنشطة القطاع

لا بدّ من استراتيجية وطنية واضحة لتنمية دور القطاع في بنية الاقتصاد والأمن الغذائي بالثقل الأهم بين السياسات 

علي محمود جديد

الصحن الهارب

تفنيدٌ دقيق وخبير للواقع شبه المنهار لقطاع الدواجن في سورية بعد أن كان ملاذاً حقيقياً للفقراء وأشباههم من ذوي الدخل المحدود، وباتت منتجاته اليوم من اللحم والبيض هاربة هي الأخرى من سلتهم الغذائية حتى فرغت تماماً – بعد فقدها سابقاً للحوم الحمراء والأسماك – من مختلف أنواع البروتين الحيواني.

هذا التفنيد وضعه الخبير في الإنتاج الحيواني، المهندس الزراعي عبد الرحمن قرنفلة، محملاً السياسات الحكومية القاصرة حتى الآن المسؤولية وراء تردّي هذا القطاع البالغ الأهمية مع أنشطته الملحقة في تشكيل أحد أهم أركان الاقتصاد الزراعي السوري.

فقطاع الدواجن ليس فقط سبيل لتأمين اللحم والبيض في السلة الغذائية – رغم أنها هذه هي النتيجة والخلاصة الأهم – وإنما هو أيضاً صناعة، وتجارة، وفرص عمل، وقطع أجنبي على نطاق واسع.

المهندس عبد الرحمن قرنفلة

يقول المهندس قرنفلة: انشطة قطاع الدواجن المتعددة وذات الثقل الاقتصادي الكبير، تحكمها سياسة حكومية ثابتة لا تستند الى ديناميكية ولا الى استراتيجية ذات معالم واضحة للتعامل مع ما بات يعرف بأزمات قطاع الدواجن . تلك السياسة غالبا ما كانت منفعلة وآنية ، وتتسم ببطء استجابتها لمتطلبات مواجهة الأزمات ، مما يعكس غياب الرؤيا الواقعية والنظرة بعيدة المدى الى الثقل الاقتصادي الذي تشكله أنشطة قطاع الدواجن المختلفة في بنية الاقتصاد الزراعي السوري ، وفي خلق حالة التوازن بين مكونات سلة المواطن من مصادر البروتين الحيواني ، وتخفيف العبء الواقع على عاتق قطاع انتاج اللحوم الحمراء ، وموارده الأولية ومستلزمات انتاجه الشحيحة من مراعي طبيعية وأعلاف مزروعة ومياه وأدوية بيطرية وغيرها .

 هكذا يقول المهندس عبد الرحمن بخبرته العميقة في مجال الانتاج الحيواني وأضاف :الدواجن هي المصدر الرئيسي للبيض ، الى جانب ذلك فهي تعطي احد انواع اللحوم ذي القيمة الغذائية الأعلى بين لحوم الحيوانات المختلفة ، ومن الممكن التحكم في الظروف البيئية لتربية الدواجن ،  وللدواجن القابلية على تحويل المواد الغذائية غير الصالحة للإنسان الى مواد صالحة لاستهلاكه الغذائي وتتميز الدواجن عن الحيوانات الكبيرة بسرعة دورة الانتاج وبالتالي سرعة دورة راس المال حيث تنضج الدجاجة جنسياً ، وتبدأ بوضع البيض في عمر مبكر بالنسبة للأعمار المعروفة لبقية حيوانات المزرعة ، إذ تبدأ الدجاجة بإنتاج البيض عند عمر ستة اشهر تقريبا بينما الابقار تحتاج الى اكثر من سنتين ونصف لتبدأ الولادة وانتاج الحليب

مزايا تفضيلية لإنتاج الدواجن :

كان ياما كان .. رغم المزايا التفضيلية

من جانب اخر اكد المهندس قرنفلة أنه  نظراً للتحسن الكبير الذي طرأ على الدواجن وراثياً فأصبح لها القدرة على تحويل الغذاء الى لحم وبيض ، حيث تحتاج الدجاجة تقريباً الى 4 كغم عليقة لإنتاج كيلو غرام واحد من البيض ، وتحتاج الى 2 كغم عليقة لإنتاج كيلو غرام واحد من اللحم ، بينما تحتاج البقرة الى 60 كغم علف اخضر و10 كغم عليقة مركزة لإنتاج20 كغم من الحليب .

واشار قرنفلة الى ان الدواجن تحتاج الى مساحات أقل / 3 هكتار لإنتاج 20 كغ بروتين سنوياً / بينما تحتاج الأغنام/ 5 هكتار / لإنتاج 20 كغ بروتين سنوياً ،  وأبقار اللحم تحتاج/ 6 هكتارات /  وأبقار الحليب من/ 1-3 هكتارات / لإنتاج نفس الكمية من البروتين بالسنة .

وللدواجن منتجات ثانوية كالريش الذي يستعمل في صناعة الاثاث والقبعات والملابس وادوات النظافة ، وكذلك المخلفات البروتينية ، حيث يعطي الطائر المذبوح حوالي 65% من وزنه الحي والباقي 35% عبارة عن مخلفات بروتينية وهذه تستعمل كمصادر للبروتين الحيواني الجاف الذي يستعمل ايضاً في تغذية الدواجن ، كما يمكن استخدامه كسماد عضوي ، اما فضلات الدواجن فتعتبر من الاسمدة النيتروجينية العالية القيمة والتي تستعمل في تسميد الفواكه والخضر وتبلغ نسبة الفسفور فيها 1.5 – 2% وكذلك النتروجين

الأزمة أدت الى عكس مسار التنمية في مفاصل القطاع

وحول تأثير الازمة على قطاع الدواجن قال المهندس قرنفلة : منذ بداية الازمة التي عصفت بالبلاد وبفعل العقوبات الظالمة التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوربي على الشعب السوري تشهد تكاليف مستلزمات الإنتاج تبدلاً واسعاً وسريعاً في قيمها  ، يقود الى اضطراب واسع في نسب تشغيل المداجن ، يتبعه تبايناً في كميات الإنتاج ، وتذبذباً في توفر السلعة بالسوق ، يعقبه خلل في ضبط اسعار تلك السلع بفعل تأثرها بقوى العرض والطلب ، وتارة تتعالى أصوات المستهلكين مطالبين بخفض الأسعار ، وتارة أصوات المنتجين مطالبين بإنصافهم نتيجة تعرضهم لخسائر مالية فادحة . والمحصلة حزمة من الأخطار يتعرض لها قطاع الدواجن تساهم في اضطراب مستمر لمنحنيات تطور الإنتاج ليمتد الى كامل مفاصل السلسلة التسويقية . ولعبت الأزمة دوراً هاماً في عكس مسارات التنمية في مفاصل القطاع .

هذا الواقع يقتضي تقييم تلك الأخطار وتحليلها للوصول في ضوء نتائجها الى انجاز وزن لبدائل السياسات الراهنة التي يخضع لها القطاع بما يضمن اختيار السياسات الأمثل التي تجنب قطاع الدواجن الأخطار التي ربما تهدد استمراريته .

رغم محاولات الإنعاش الحكومية فإن القطاع يعيش حالة اللا اقتصاد

وحول  دور السياسات المتبعة حالياً في التعامل مع قطاع الدواجن في هذا الاضطراب قال الخبير قرنفلة:

  تتركز تربية الدواجن عالمياً حول إنتاج مادتين غذائيتين للإنسان هما بيض المائدة ولحم الدجاج  وتدور في محور هاتين المادتين حلقات مترابطة في سلسلة كبيرة من مكونات قطاع الدواجن والأنشطة الإقتصادية المساندة له تضم:

تأصيل السلالات الأكثر إنتاجية – تربية الجدود وتربية الأمات  – تفريخ البيض على أنواعه – زراعة المحاصيل العلفية وتصنيع بعضها – صناعة الأعلاف المركزة والجاهزة – ذبح وتجهيز دجاج اللحم وحفظه وتوزيعه – فرز وتوضيب وتخزين وتوزيع بيض المائدة – تصنيع اللقاحات المختلفة لتحصين الدجاج – صناعة الفيتامينات والمعادن النادرة – صناعة الأدوية البيطرية والمعقمات – صناعة المعدات – صناعة مواد التعبئة والتوضيب – تصنيع لحم الدجاج – وبيض المائدة بأشكال استهلاكية مختلفة.

عندما توفرت مقومات الاستقرار حالفه النجاح

ومجمل هذه الأنشطة تحكمها سياسة حكومية ثابتة لا تستند الى ديناميكية ولا الى استراتيجية ذات معالم واضحة للتعامل مع ما بات يعرف بأزمات قطاع الدواجن . تلك السياسة غالبا ما كانت منفعلة وآنية ، وتتسم ببطء استجابتها لمتطلبات مواجهة الأزمات ، مما يعكس غياب الرؤيا الواقعية والنظرة بعيدة المدى الى الثقل الاقتصادي الذي تشكله أنشطة قطاع الدواجن المختلفة في بنية الاقتصاد الزراعي السوري ، وفي خلق حالة التوازن بين مكونات سلة المواطن من مصادر البروتين الحيواني ، وتخفيف العبء الواقع على عاتق قطاع انتاج اللحوم الحمراء ، وموارده الأولية ومستلزمات انتاجه الشحيحة من مراعي طبيعية وأعلاف مزروعة ومياه وأدوية بيطرية وغيرها .

لقد نجح قطاع الدواجن في فترات توفرت له مقومات الإستقرار في تحقيق الاكتفاء الذاتي للمستهلكين المحليين من منتجاته وانتقل الى مرحلة تصدير الفائض عن حاجة السوق المحلية الى الأسواق المجاورة وأصبح يشكل موردا سريعا للقطع الأجنبي للبلاد . إلا أن الكثير من المخاطر ما زالت  تشوب آفاق مستقبل القطاع .

مخاطر يتعرض لها القطاع :

هرمنا ولم يعد لنا دور

اما فيما يتعلق بالمخاطر التي يتعرض لها قطاع الدواجن قال المهندس قرنفلة :

تتعدد الأخطار التي يتعرض لها قطاع الدواجن ويختلف حجمها وفقاً لمدى انعكاس تأثيرها على استمرار حلقات الإنتاج بالعمل .

•       غياب استراتيجية وطنية تحدد ملامح القطاع ودوره في بنية الإقتصاد الوطني  والأمن الغذائي .

•       غياب تنظيم مهني لمنتجي منتجات الدواجن والذي يساعدهم على الإنتشار العمودي وتحديث مرافق الإنتاج .

•       ضبابية سياسة الدعم للقطاع وصادراته .

•       معوقات هيكلية قائمة منذ وقت طويل تشكل عقبة مزمنة في طريق تسريع وتيرة نمو القطاع

•       سياسة الاعتماد على الطاقات الإنتاجية الصغيرة، والتبعثر والانتشار الأفقي، والتي شكلت واحداً من أهم الأخطار التي تهدد القطاع والتي عكست بنية اقتصادية هشة ومتخلفة غالباً للبنى التحتية للمرافق الإنتاجية للقطاع .

•       عدم توفر سياسة واضحة الملامح تجاه الدور الذي يلعبه كل من القطاعات العام والتعاوني والخاص في تأمين مستلزمات الإنتاج وخاصة المستورد منها .

•       غياب سياسة صارمة تعني بتطبيق اجراءات الأمن الحيوي وتحقيق الإشراف الفني الفعلي على منشآت انتاج منتجات الدواجن .

•       غياب سياسة متوازنة لتسعير منتجات الدواجن تنصف كل من المنتج والمستهلك .

•       خرق سياسة حماية الإنتاج المحلي

وزن السياسات البديلة  :

وحول السياسات البديلة المطلوبة واوزانها قال المهندس عبد الرحمن قرنفلة:

•       تحظى سياسة وضع استراتيجية وطنية واضحة الملامح تعني بتنمية دور القطاع في بنية الإقتصاد والأمن الغذائي بالثقل الأهم بين السياسات  .

•       إن سياسة إحداث تنظيم مهني مستقل مالياً وادارياً ويرتبط فنياً بوزير الزراعة تعتبر السياسة الثانية من حيث الثقل .

حماية حقيقية

•       سياسة الدعم الذكي التي تجذب الإبداع والإنتاجية والكفاءة والتقدم التكنولوجي تشكل الثقل التالي .

•       تحتل المركز الرابع سياسة تخفيض كلفة الإنتاج 70 % على الأقل عّما هو عليه. (خفّض  كلفة إنتاج كيلو لحم الفروج 30% )  من خلال  تخفيض معدّل نسبة النفوق بالقطعان إلى ما يقـل عن 5 % ، وتخفيض عامل تحويل العلف إلى ما دون 1.7 ، وتحسين إنتاجية امات التسمين إلى ما يزيد عن 135 صوص لكل أم بدأت بالإنتاج . وانتاج مواد علفية تقل كلفتها عن كلفة استيرادها ( تخفض كلفة الانتاج 40% )

•       تعزيز سياسة حماية الإنتاج الوطني تحتل المركز الخامس من حيث الثقل .

وفي ختام حديثه قال الخبير في الانتاج الحيواني عبد الرحمن قرنفلة تلك هي عناوين عريضة ومطلوب من الجهات المعنية البحث في التفاصيل وتوليد الحلول الاكثر كفاءة .

سيريا ستيبس / السلطة الرابعة