جديد 4E

مع الحديث عن زيادة رواتب .. موجة غلاء تحركت والتجارة الداخلية لا تكترث .. وكما العادة فلا مشكلة.. !

السلطة الرابعة – علي محمود جديد

دائماً يفوز السوق بضرباته الاستباقية أمام تراخي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أو ربما أمام عجزها، لأسبابٍ لا نستطيع تكهّنها، فهي دائماً تروّج بأنها تعمل على ضبط السوق وتوازن الأسعار وتحرص على حماية المستهلك، وكل ما حولنا يشير ويؤكد بأن السوق منفلت من عقاله، وميزان توازنه مخلوع ولاشك بأنه يحتاج إلى إصلاحٍ ومعايرة، وعلى الرغم من حرص الوزارة على حماية المستهلك فإن هذا المستهلك بات محطّم الأسوار ولا يجد من حوله أي شيء يحتمي به، فقد أصبح عارياً أمام جنون عواصف الأسعار التي تشهد في هذه الأثناء ارتفاعات واضحة من هنا وهناك، وكالعادة دون اتخاذ أي إجراء يتصدّى لذلك .. فحماة المستهلك في واد، والسوق في وادٍ آخر ..!

الآن هناك ضربة استباقية جديدة للسوق، فبمجرد سماعه عن تحرك حكومي نحو زيادة الرواتب والأجور .. سارع إلى التحرك لاقتناص هذه الزيادة وامتصاصها بإسفنجته التي لا تبلغ حالة الإشباع، وإن بلغتها فسرعان ما تعصر نفسها لتبدأ بجولة امتصاصٍ جديدة.

نعم ارتفعت أسعار العديد من المواد والسلع خلال اليومين الماضيين مع انطلاق الأقاويل عن زيادات محتملة قادمة للرواتب والأجور، رغم أنها ما تزال مجرد أقاويل .. وقد تبقى كذلك.

وعلى الرغم من هذا الاستباق الشنيع للأمور، لم نلحظ أي تحركٍ موازٍ لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بأذرعها القوية المنتشرة في كل مكان، تحرك يكبح من جماح الأسعار ويوقفها عند حدّها .. بل على العكس نراها تتصرف وكأنّ شيئاً لم يكن، علماً لو أن وزارة التجارة الداخلية جادة فعلياً بحماية المستهلك لكانت قد فرضت وجودها على الأرض وحذّرت من حدوث أي زيادات في الأسعار بشكل استباقي، فهي التي يتوجب عليها توجيه الضربات الاستباقية لا العكس، ومن بعد ذلك تبدأ بالضرب بيدٍ من حديد كل من يتورط بزيادة الأسعار .. ولكن لا فائدة .. فالحديد الذي تمتلكه مُقفلٌ عليه بلا حراك، فإما أن يكون قد اهترأ، وإما أن الوزارة لا تعثر على الأيادي التي تستحق الضرب..!

كان على وزارة التجارة الداخلية أن لا تدع السوق هكذا على هواه، وأن تتدخّل بقوة في هذه الأيام وتمنع هيجان موجات جديدة مُحتملة من ارتفاعات الأسعار، والتي يبدو أن هذا الهيجان قد بدأ، وكلما تأخرت الوزارة بالانتباه وباتخاذ إجراءات الصدّ – التي لا بدّ منها في ظل غياب المبادرة والخطوات الاستباقية – كي لا تغرق الأسواق أكثر مما هي غارقة بأمواج سابقة لأسعار بلغت سيولها الزّبى .. !