جديد 4E

أيوب السوري.. وظواهره المدهشة…!

عبد الحليم سعود

يمكن (الادعاء) بكل فخر واعتزاز بالنفس بأن الإنسان السوري بات الأشهر عالمياً ــ وهو يستحق ذلك ــ من حيث عدد مشكلاته وأزماته وأوجاعه ومنغصاته اليومية، ومن حيث قدرته على الصبر والتحمل، والتعاطي مع الحياة بتفاؤل وتشاؤم ونق وشكوى وأمل في نفس الوقت ــ حيّر العلماء والمراقبين ــ ومن حيث توارد أخبار نشاطاته المختلفة في وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة العربية والعالمية ــ تُستثنى المحلية تماشياً مع أغنية “يانيّالي” ــ ومن حيث ظهوره على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي معلقاً ومشاركاً ومعجباً ومتعجباً.. محباً ومبتهجاً وساخطاً وساخراً، مصوراً ومطبقاً فيديوهات طبيعية وخيالية حول مختلف الأحداث والمناسبات ولو اضطر لنشر صوره وفيديوهاته في أزنق الأماكن ــ فهاتفه الذكي رفيقه الدائم حتى في غرفة الإنعاش والحمام ــ ففي كل عرس له قرص وأحياناً قرصان وثلاثة ــ لا حسد ــ وليس هذا فحسب بل بات العالم كله مشغول بشؤونه وشؤون تغريبته، ما يجعله الأجدر بالتربع على عرش موسوعة غينيس للأرقام القياسية باسم “أيوب السوري” طوال الألفية الحالية، دون أن ينازعه أحد ربما سوى بعض أشقائه العرب وخاصة شقيقه اللبناني بحكم (سوا ربينا) وما تربينا..!

 فخلال السنوات الماضية أظهر “أيوب” السوري قدرة (خارقة حارقة متفجرة) على تحمل مختلف الظروف القاسية التي واجهته، دون أن يفقد قدرته على الضحك والابتسام والسخرية وإطلاق النكت والدعابات التي تتناول واقعه عبر كوميديا سوداء منقطعة النظير، وما زال حتى يومنا هذا رغم كل الخطر الذي يحدق به جراء وباء كورونا والأزمات المعيشية الخانقة التي تلاحقه، محافظاً على عادات أجداده الغابرين في الأفراح والأتراح والمواساة والتعازي و(أخد الخاطر) والتجمهر والاحتشاد في الأسواق وعلى الأفران ومؤسسات السورية للتجارة والصرافات الآلية وكوّات دفع الفواتير وكذلك وسائط النقل العامة للقيام بواجباته وتأمين احتياجاته ومصالحه، وإلى جانب ذلك نراه يحمل أمتعته وكل ما يلزم من حوائج في كل يوم جمعة أو يوم عطلة إلى أقرب فسحة خضراء قرب الطرق السريعة ــ بعد أن أغلقت المتنزهات والحدائق في وجهه ــ ليقضي نهاره مصطحباً عدة الشوي والتبولة والأركيلة وورق اللعب وأحيانا طاولة الزهر..إلخ، من أجل القيام بواجب “السياحة الشعبية”، متحدياً غلاء المعيشة الفاحش وصعوبة التنقل والمواصلات ــ ولو اضطر لاستخدام الدراجات النارية أو الهوائية أو السوزوكيات والطرطيرات ثلاثية العجلات ــ في تعبير مدهش عن تعلقه بالحياة وربما في استهتاره بها.. غير آبهٍ بكوفيد 19 وكل أسرته وأقاربه وأحفاده)..!

 معاناة أو قصة أيوب السوري لم تقتصر على الحرب الإرهابية التي عصفت بالبلاد وتداعياتها والأزمات المرتبطة بها، بل تحالفت ضده قوى الطبيعة والطقس المزعج لسلبه هذه الروح العظيمة لكنها فشلت، فالصيف يأتي حاراً والشتاء بارداً مع تقنين خنفشاري في الطاقة الكهربائية وشحّ متعمد في تأمين وقود التدفئة والغاز، في اختبار حكومي ل(صبر أيوب)  على رأي الراحل فؤاد غازي، وعلى رأي المتنبي “وسوى الروم خلف ظهرك ..فعلى أي جانبيك تميل”، حيث يتبارى رموز الفساد وتجار الأزمات في دقّ عنقه وسلب ما في جيبه باعتباره الاستثمار الأكبر لهم، وقد لا يتأخرون في استثمار الأوكسجين في ظل أزمة الكورونا لأن الجميع يتنفس أو قد يضطر للتنفس الطبي (بعيد الشر عنكم)..!

 ورغم كل ذلك فما زال هناك شريحة (كبيرة) تردد باستمرار :(الأمور بخير وتحت السيطرة) وكأنهم يعيشون في هونولولو أو يتمشون على ضفاف نهر الدانوب (يا أخي شو بدكن أحسن من هيك) الحكومة راضية مرضية (الله يرضى عليها) و(شباب المجلس منشغلون بالتقاط صور السيلفي في تعبير عن السعادة بتمثيلهم لنا..الله يحرسهم شو مهضومين)، والدليل أن كل مواطن بجيبه بطاقة ذكية يخرجها متى أراد، فيخرج منها المارد قائلاً له (شبيك لبيك…يا حبيب والديك)… أعتذر سلفاً فربما خرجت قليلاً عن الموضوع واستطردت كثيراً…وأرجو ألا يكون ذلك من أعراض (الزهايمر) الذي يصيب الكثير من المحللين السياسيين والمتنبئين الدجالين..؟!!