جديد 4E

حين يتحول الإهمال إلى كارثة..!

عبد الحليم سعود

بداية لا أملك إلا أن أتعاطف مع أشقائنا اللبنانيين في محنتهم الأليمة بسبب الانفجار (التفجير) الهائل الذي أصاب مدينة بيروت وترك آثاراً كارثية وخسائر بشرية ومادية لا يمكن أن تمحى من ذاكرة هذا الجيل لهول الحدث وفظاعته، وأن أترحم على أرواح الضحايا الذين كان لسورية بحكم التاريخ والمصير والعيش المشترك بين البلدين والشعبين حصة كبيرة منهم – أكثر من ٢٧ شهيدا- وأسأل الله الشفاء العاجل للجرحى والمصابين، وقبل أن أخوض في الدرس المؤلم الذي يمكن أن يستفاد من هذا الحدث المروع أشير إلى أنني شبه متأكد أن أيادي الكيان الصهيوني ملطخة بدم الضحايا الابرياء حتى النخاع، إذ لا أحد يملك الدافع والرغبة والمصلحة في ضرب وتفكيك لبنان المقاوم وقتل وإرهاب شعبه سوى هذا العدو الإرهابي المجرم، ولا أحد يملك الإمكانية والأدوات والقدرة  لتنفيذ مثل هذه الجريمة النكراء في منطقتنا سواه، وقد سبق له أن هدد ونفذ وارتكب فظائع بحق شعبنا – وخاصة في لبنان – يندى لها جبين الإنسانية.

 ولا عجب أن شبّه المراقبون ما حدث في بيروت يوم الثلاثاء الأسود بهيروشيما في إشارة إلى أميركا –  المجرم والارهابي الأكبر على مستوى العالم – التي نفذت أول جريمة من هذا النوع بحق الشعب الياباني قبل ٧٥ عاما.. وليس مصادفة أن يلمح دونالد ترامب إلى ما يؤكد أن إسرائيل ارتكبت هذا الإجرام عندما استخدم كلمة (هجوم)..وكلمة هجوم تعني أن أحدا ما هاجم، ولا أحد سوى إسرائيل تنطبق عليه هذه الصفة  حالياً.

 غير أن المؤكد أن ثمة من ساعد أو سهل لإسرائيل ارتكاب هذه المجزرة الرهيبة من داخل لبنان ( عامدا متعمدا او مهملا غير مبال) عبر تكديس كمية هائلة من المواد الخطرة القابلة للانفجار في مرفأ بيروت(٢٧٥٠ طنا من نترات الامونيوم) لتكون قنبلة موقوتة تنفجر بالمدنيين الأبرياء إما بمفردها أو بفعل فاعل كما جرى يوم الثلاثاء…!

 ما يهمنا من هذا الحدث المروع هو أن نستفيد من دروسه، فلا تقع في بلادنا حوادث مشابهة – لا سمح  الله – بسبب الإهمال او الفساد لأن الإهمال والفساد  خلال إنشاء مجمع سكني او بناء سد أو شق طريق أو إقامة جسر قد يؤدي إلى كارثة أحيانا، وقد سبق أن حدث في بلادنا كوارث ما كانت لتحدث لو تحلى المؤتمنون على الشأن العام  بالضمير المهني والأخلاق العالية، ولا حاجة لسرد تفاصيل وأمثلة فهي كثيرة.

ولأننا نعيش ظروف انتشار وباء كورونا هذه الأيام حيث يمكن أن يتسبب عدم جديتنا وإهمالنا لمخاطره بكوارث نحن بغنى عنها، لذلك بات من الواجب الوطني اتخاذ أفضل الاحتياطات والإجراءات الاحترازية لحماية أنفسنا من جهة وعدم نقل العدوى لأصحاء من جهة اخرى، وقد باتت التدابير الوقائية معروفة ولا داع للخوض بتفاصيلها.

يبقى أن نذكر الجهات الحكومية المعنية بواجباتها، لأن استمرار الأزمات الخانقة على الافران ومؤسسات السورية للتجارة وفي وسائط النقل سيقربنا أكثر من الكارثة.. وأي اهمال قد يترتب عليه مخاطر جسيمة، وعندها لن يفيدنا التفجع او البكاء او الندم.. وقد أُعذِر من قدم النصيحة…!!