هروب إلى الأمام
عارف العلي *
التدخل التركي السافر في سورية والعراق وليبيا بشكل مباشر، وبشكل خفي وغير مباشر لصالح إثيوبيا المائية (سد النهضة) ضد السودان ومصر ولإشغال الأخيرة عن جبهة ليبيا الساخنة وهذا يهدد الأمن القومي المصري، عبر دعم الإرهابيين وجلب المرتزقة من كل حدب وصوب، ليس فقط لنهب ثروات هذه الدول المومأ إليها وحسب بل لتهديد الأمن القومي العربي بشكل مباشر.
إن مغامرات النظام التركي لم تتوقف عند حد معين ولا خط معين ولا سقف معين وفي كل تدخل يورط بلاده وشعبه في أزمات كبيرة مع جواره القريب والبعيد وقد بات هذا واضحاً وجلياً، يتلاعب بالشعارات والقضايا الإنسانية داخل تركيا وخارجها لغايات سياسية تارة، وتارة أخرى يثير مواضيع جدلية تتعلق بالسياسة الداخلية وأحياناً بالخارجية لتحويل أنظار مواطنيه والرأي العام الإقليمي والعالمي عن الأزمات الحقيقية المتراكمة التي تواجه النظام التركي، لا شك لقد نجح رئيس النظام التركي في بدايات حكمه بخداع رفاقه في الحزب، وعموم أبناء شعبه والمناصرين له أو حتى في المحيط الإقليمي والدولي.
لكنه اليوم وبعد انكشاف كل أوراقه – العلنية منها والسرية – للقاصي والداني، وانشقاق أقرب رفاقه وأصدقائه وحلفائه عن حزب (العدالة والتنمية) الحاكم، وتأسيس أحزاب منافسة، فإنه اليوم يجد نفسه وحيداً في جبهات فتحها للهروب إلى الإمام في سورية والعراق وليبيا وعلى خط سد النهضة.
من غير مناصرين يحمونه من شعبويته التي ارتدت عليه، وأمست ثابتة وبدل التوقف أو التراجع عن أخطاء الأمس التي باتت لا تعد ولا تحصى، وسجله المشبع بالأخطاء الداخلية والخارجية، آثر القفز إلى قضية أخرى والاستدارة نحو إثارة مشكلة أخرى تضاف إلى مشاكله ألا وهي تحويل آيا صوفيا إلى مسجد لخداع ما تبقى من أبناء شعبه أو المناصرين له عن جهل خارج تركيا، لدغدغة مشاعر دينية متطرفة وضيقة سواء من أنصاره (الإخونجية) داخل تركيا أو خارجها، مدعياً كعادته أنه مدافع شرس ووحيد عن الإسلام والمسلمين بينما هو في الحقيقة ثعلب يجيد القفز من حبل إلى حبل لإطالة فترة حكمه، ولكن ألاعيبه وشعاراته باتت مفضوحة ولن ينفعه هروبه نحو افتعال أزمات وحروب في المنطقة والحساب قادم.
*مدير تحرير الشؤون السياسية
جريدة تشرين – زاوية ( بين السطور ) 26 تموز 2020 م