جديد 4E

تأطير الإمكانات

حسين صقر

لكون الناس اعتادوا وجود شخص بمكان معين دون غيره، يستهجنون وجوده في مكان آخر، وتنهال عليه الأسئلة لماذا غادرت ذلك المكان؟ وكيف سستتكيف مع الوضع الجديد؟ وبالتأكيد سوف تواجه صعوبات حتى تنسجم أو تندمج وتتكيف، في الوقت الذي يعرف هو تماماً ما يريده، ولماذا كان بالأمس في قسم دون غيره، واليوم في آخر يختلف بطبيعة العمل والعطاء والمتابعة.

وهذا ينطبق على عملنا كصحفيين، إذ لا ضير أن يكتب المحرر أو يتابع نشاطه الإعلامي في عدة أقسام، ويكتسب خبراته من عدة مجالات، وإذا حصل ومارس هذا النشاط أو العمل في مكان آخر تثار حوله التساؤلات.

يجب علينا جميعاً كسر الصورة النمطية والروتين وما اعتدنا عليه، حيث ذلك مسؤولية جماعية ومجتمعية ..

ومن تجربة شخصية أقول: إنني عملت لمدة عشرين عاماً في دائرة الأخبار السياسية، وعملت في شعبتيها وشاركت بإنتاج الكثير من المواد والزوايا والتقارير والتغطيات واللقاءات،  وعندما أردت كسر الروتين الذي اعتدت عليه طوال تلك الفترة، وأن أغير حتى الدائرة التي عملت فيها تلك الفترة الطويلة إلى دائرة المجتمع والعلوم، أثار ذلك استغراب الآخرين من زملائي الذين اعتبروا ذلك نقلة نوعية في حياتي المهنية، لأن خطي العمل مختلفان تماماً من وجهة نظرهم، بينما أنا أعتقد العكس بأن هامش الفكر في دائرة المجتمع قد يكون أفضل وأشمل وأوسع، لأننا نستطيع تناول قضايا منوعة في تلك الدائرة.

كما أنه على الصحفي أن تكون لديه الخبرة والممارسة في مختلف الأقسام، وليس من الضروري أن يبقى طيلة حياته في دائرة أو قسم دون غيره، لأن المكان الذي يعمل فيه والمواد التي يقدمها ليس حكراً عليه وحده، ومن الضروري أن يمنح الفرصة لغيره كي يكونوا في مكانه، بينما ينتقل هو لمكان آخر، كما أنه على الآخرين ألا يستهجنوا او يستغربوا تغيير هذا الشخص أو ذاك لمكان آخر، مع أن الفرص كانت مهيأة لتسلم مفصل مهم قد ينقلني في المستقبل لمفصل أعلى أو أهم .

وإضافة لذلك هناك البعض من الأشخاص الذين يعتقدون مسبقاً أو يحكمون عرفياً بأن القسم الذي انتقلت إليه لا يوازي الأقسام الأخرى في الصحيفة، وهذا يقلل من جهود الزملاء الذين يمارسون العمل الصحفي منذ زمن طويل في ذلك القسم، ولهم الكثير من الدراسات واللقاءات والتحقيقات المهمة والتي استحوذت على جهود كبيرة حتى وصلت لأيادي القرّاء، إذ من الظلم أن يكون لدى هؤلاء فكرة مسبقة عن العمل في دوائر لا تقل أهمية عن أخرى في الجريدة، إذا لم تتفوق عليها، لأنها تتطلب جهوداً كبيرة ..